تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٥٤٦
اللواط، وارتكبوا سفساف الأخلاق وأدناها، وأكثرها إخلالا بالمروءة، فكان عقابهم- وهو الخسف وقلب ديارهم عاليها سافلها- فريدا من نوعه بين أنواع العقاب الإلهي، تطهيرا للأرض أو البيئة من مفاسدهم وموبقاتهم. وهذا ما أنبأ به القرآن في الآيات الآتية :
[سورة القمر (٥٤) : الآيات ٣٣ الى ٤٢]
كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (٣٣) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ (٣٤) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (٣٥) وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ (٣٦) وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ (٣٧)
وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ (٣٨) فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ (٣٩) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٤٠) وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (٤١) كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (٤٢)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» [القمر : ٥٤/ ٣٣- ٤٢].
كذبت بالرسل أيضا من الأمم البائدة قوم لوط، فإنهم كذبوا رسولهم في دعوته، وكذبوا بالآيات التي أنذرهم بها، واقترفوا الفاحشة، وتكذيب رسول واحد كتكذيب جميع الرسل، لأن مهمتهم واحدة، ولقد أنذر لوط قومه بعذاب اللّه، فلم يرتدعوا، فعاقبناهم. بأن أرسلنا عليهم ريحا ترميهم بالحصباء، وهي الحصى أو الحجارة، وشبّه ذلك بالسحاب، فدمرتهم جميعا إلا لوطا عليه السّلام وآله الذين آمنوا به واتبعوه، فإنا أنجيناهم من الهلاك في آخر الليل قبل الفجر.
وإنجاء هؤلاء الناجين كان إنعاما من اللّه عليهم، وتكريما لهم، ومثل ذلك الجزاء الحسن، نجزي من شكر نعمة اللّه ولم يجحدها، بأن آمن وأطاع أمر ربه، واجتنب نهيه.

(١) ريحا ترميهم بالحصباء، أو السحاب الرامي بالبرد وغيره، فشبه تلك الحجارة التي رمي بها قوم لوط به في الكثرة والتوالي.
(٢) أي السدس الأخير من الليل قبل طلوع الفجر.
(٣) أي فكذبوا الإنذارات متشاكّين.
(٤) صارت أعينهم مطموسة، أو أعميناهم.
(٥) متعظ، أصله مذتكر، فقلبت التاء دالا، ثم قلبت الذال دالا، وأدغمت في مثلها.


الصفحة التالية
Icon