تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٥٧٥
الفاكهة الكثيرة ما شاؤوا، فهي لا تنقطع أبدا في وقت من الأوقات، كما تنقطع فواكه الدنيا أحيانا، ولا تمنع عمن أرادها في أي وقت، على أي صفة، أعدت لمن أرادها.
ويجلسون وينامون على فرش مرفوعة على الأسرّة، وذات رفعة، والفرش :
الأسرّة، جمع فراش : وهو ما يفترش للجلوس عليه أو النوم عليه، وقال أبو عبيدة وغيره : أراد بالفرش النّساء. والمرفوعة : معناه المرتفعة الأقدار والمنازل. ثم أشار اللّه تعالى إلى نساء أهل الجنة، والضمير في رأي قتادة عائد على الحور العين المذكورات قبل، أو إلى الفرش المرفوعة، أي النساء في رأي أبي عبيدة معمر، وإن لم يتقدم لهن ذكر، لدلالة المعنى على المقصد، كقوله تعالى : حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ [ص : ٣٨/ ٣٢].
وهؤلاء النّساء يتجدد خلقهن، فقال اللّه تعالى : إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (٣٥) أي خلقناهنّ شيئا بعد شي ء، وأوجدناهنّ خلقا جديدا، من غير توالد، وجعلناهن بكارى عذارى لم يفتضهن قبلهم إنس ولا جان. وكلما أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكارا، من غير وجع، كما
في حديث رواه الطبراني عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم :«إن أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عدن أبكارا».
وهنّ عرب أتراب، أي متحبّبات إلى أزواجهن، عشقا لهم، من غير سابق معرفة، ومتساويات السّن والشكل والقدّ، حتى يقول الرائي : هم أتراب.
وأصحاب اليمين : هم سالف الأمم، جماعة عظيمة من الأولين، وهم مؤمنو الأمم الماضية، وجماعة من الآخرين، وهم مؤمنو هذه الأمة، أتباع النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم إلى يوم القيامة. ويرى ابن عطية رحمه اللّه : بل جميعهم من هذه الأمة، إلا من كان من السابقين. ورأى آخرون الفرقتين في أمة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم، فالتابعون بإحسان، ونحوهم هم الثّلة الأولى، وسائر الأمة ثلة أخرى في آخر الزمان.