تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٥٨٦
تفسير سورة الحديد
عبادة اللّه وتسبيحه في جميع الأوقات
تسبيح اللّه تعالى : وهو التّنزيه عما لا يليق بالله، المعروف في قولهم :«سبحان اللّه» : هو حقيقة ثابتة مستقرة في الكون والإنسان والحياة، يعلنها الواقع، ويفرضها المنطق، لأن اللّه سبحانه هو الخالق الرازق، المحيي والمميت، فيكون التسبيح من السماوات والأرض وما فيهما دائما مستمرا، لأن اللّه تعالى هو الحقيقة الأبدية، والمهيمن على كل شي ء في الوجود، والعالم بكل شي ء في السماء والأرض، وإليه المرجع والحساب، ويسيّر الكون، ويوجد تعاقب الليل والنهار، وهو على كل شي ء قدير. وهذا ما قررته الآيات الآتية في مطلع سورة الحديد المدنيّة بالإجماع :
[سورة الحديد (٥٧) : الآيات ١ الى ٦]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ (٢) هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ (٣) هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤)لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٥) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ(٦)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» [الحديد : ٥٧/ ١- ٦].
(٢) هو بالغلبة والقهر المستمرّين بالقدرة.
(٣) يدخل.
(٤) يصعد.
(٥) يدخل أحدهما في زمن الآخر.