تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٦٠٥
تفسير سورة المجادلة
الظّهار حكمه وكفّارته
كانت في الجاهلية العربية تشيع عادات وأحكام غريبة، سواء في نظام المجتمع القبلي كعادة الأخذ بالثأر وحبّ الانتقام والتهور في الشجاعة، أو في علاقات الأسرة العربية كأنظمة الزواج الجاهلي المشترك، وحرمان المرأة من الميراث، وتحريم المرأة بالظّهار تحريما أبديّا، فلما جاء الإسلام ألغى بعض الأنظمة، وعدّل بعضها، وأبقى بعضها مثل تحمّل العاقلة (العصبة) دية القتل الخطأ، ومن الأحكام التي عدّلها جعل الظّهار يفيد التحريم المؤقت وينتهي بالكفارة، لأنه إثم من القول وزور، كما جاء في مطلع سورة المجادلة المدنية النزول بالاتّفاق، في الآيات الآتية :
[سورة المجادلة (٥٨) : الآيات ١ الى ٤]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (١) الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٢) وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٣) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ (٤)
«١» «٢» «٣» [المجادلة : ٥٨/ ١- ٤].
(١) أي يقولون لنسائهم : أنت علي كظهر أمي.
(٢) ذلك قول ينكره الشرع، وكذب وبهتان.
(٣) فإعتاق رقيق من قبل العودة للاستمتاع بالمرأة.


الصفحة التالية
Icon