تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٦٠٩
«١» [المجادلة : ٥٨/ ٥- ٧].
إن الذين يعادون، ويخالفون أوامر اللّه والرسول، ويعاندون الأحكام والشرع، أذلّوا وأهينوا، كما أذلّ المنافقون السابقون من قبلهم من كفار الأمم الغابرة، بسبب معاداة شرع اللّه تعالى، وفي ذلك تبشير بنصر المؤمنين على من عاداهم، ووعيد لكل من يهجر شريعة اللّه، وقد أنزلنا في هذا القرآن للناس آيات واضحات، دالّة على صدق الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم، لا يخالفها إلا كل كافر معاند، وللجاحدين بتلك الآيات، المستكبرينعن اتّباع شرع اللّه والانقياد له : عذاب يهين صاحبه ويذلّه، بسبب كفره واستكباره، وذلك العذاب هزيمة وهوان في الدنيا، ونار جهنم في الآخرة.
والمحادّة : أن يكون كل واحد من المتعاديين في حد أو جهة، والآخر في حدّ أو جهة مغايرة أو مخالفة. وكبت الرجل : إذا بقي حزنان يبصر ما يكره، ولا يقدر على دفعه.
اذكر أيها الرسول ذلك اليوم الذي يأتي فيه العذاب، وهو يوم القيامة، تعظيما له، وأخبر بأن لهم عذابا مهينا يوم يحشرهم اللّه جميعا من الأولين والآخرين في يوم الحساب، مجتمعين في حال واحدة، فيخبرهم بأعمالهم التي عملوها في الدنيا، لإقامة الحجة عليهم، فقد حفظ اللّه وضبط كل ما صنعوا من خير أو شرّ، واللّه سبحانه مطّلع على كل شي ء، ولا يخفى عليه شي ء. وهذا وعيد وإنذار.
أ لم تعلم أيها النّبي وكل مخاطب أن علم اللّه واسع شامل، محيط بكل شي ء في