تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٦١٩
ذرني آتك بهم، فانطلق، فدعاهم، فحلفوا له ما قالوا وما فعلوا، فأنزل اللّه : يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً..
لقد استولى عليهم الشيطان وغلب على عقولهم فأنساهم ذكر اللّه، فتركوا أوامر اللّه والعمل بطاعته، أولئك- والإشارة لبعدهم في الغواية والضلال- جنود الشيطان وأتباعه، ألا إن أعوان الشيطان هم الخاسرون الهالكون، لأنهم باعوا الجنة بالنار، والهدى بالضلال.
ان الذين يعادون اللّه ورسوله، ويخالفون أوامر اللّه ونواهيه، هم لا غيرهم في عداد الأذلّين المهانين. وقد قضى اللّه في الأزل أن اللّه ورسله هم الغالبون بالحجة وانتشار الإسلام، إن اللّه قوي على نصر رسله، غالب لأعدائه. وهذا تبشير بنصر المؤمنين على الكافرين.
قال مقاتل : لما فتح اللّه مكة للمؤمنين والطائف وخيبر وما حولها، قالوا : نرجو أن يظهرنا اللّه على فارس والروم، فقال عبد اللّه بن أبي : أتظنّون الروم وفارس كبعض القرى التي غلبتم عليها، واللّه إنهم لأكثر وأشد بطشا من أن تظنّوا فيهم ذلك؟ فنزلت : كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي وشأن المؤمنين أنهم لا يوادّون أعداء اللّه، فلا تجد قوما آمنوا بالله واليوم الآخر يصادقون من عادى اللّه تعالى ورسوله، حتى ولو كان المعادون من آبائهم وأبنائهم وإخوانهم وعشيرتهم (قرابتهم أو قبيلتهم) التي ينتمون إليها، أي لا يجتمع في قلب واحد إيمان كامل مخلص مع موادّة الكفار، أولئك الذين يتجنّبون موادّة أعداء اللّه والرسول، ثبّت اللّه الإيمان الصحيح في قلوبهم، وقوّاهم بنصره وأفرغ الطمأنينة في نفوسهم، ويدخلهم ربهم جنات تجري من تحت قصورها الأنهار، ماكثين فيها على الدوام، وقد قبل اللّه أعمالهم ورضي عنهم، وفرحوا بما أعطاهم ربّهم، أولئك هم