تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٦٢٢
«١» «٢» «٣» [الحشر : ٥٩/ ١- ٥].
نزّه اللّه تعالى عن كل نقص جميع الكائنات في السماوات والأرض، وسبّحه إما على الحقيقة وذلك بما يتفق مع طبيعة الجمادات، وإما مجازا، أي ان آثار الصنعة فيها والإيجاد لها كالتسبيح، وهو القوي المنيع الجناب، الغالب القاهر في ملكه، الحكيم في صنعه وقدره وشرعه، يضع الأشياء في موضعها الصحيح.
ومن حكمة اللّه وقدرته : أنه سبحانه هو الذي قضى بإخراج الذين كفروا من الكتابيين وهم يهود بني النضير، من ديارهم في المدينة المنورة، في الجمع الأول والجلاء والإخراج، فكان أول جلاء من المدينة : هو الذي فعله رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، والجلاء الآخر أو الثاني من خيبر إلى الشام : هو الذي فعله عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه.
ما توقعتم أيها المسلمون أن يخرج بنو النضير من ديارهم من المدينة، لقوتهم ومنعتهم، وكانوا أهل حصون وقلاع، وعقارات وبساتين نخيل واسعة، وذوو عدد وعدة، فجاءهم أمر اللّه وبأسه وعقابه من جهة لم تخطر لهم ببال أنهم لن يقدر عليهم، وهو أن اللّه أمر نبيّه بإجلائهم وقتالهم، وألقى الخوف الذي يملأ الصدر في قلوبهم، فلم تكن آمالكم وظنونكم أنهم يخرجون ويتركون أموالهم لكم.
ولما أيقنوا بالجلاء، أخذوا يهدمون بيوتهم من الداخل، كيلا يستفيد منها المسلمون، كما دمّرها المؤمنون من الخارج، فاتّعظوا أيها العقلاء بما حدث، واعلموا أن اللّه يفعل مثل ذلك بمن غدر وخالف أمر اللّه ورسوله.
(٢) عادوه.
(٣) نخلة.