تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٦٥٧
من محمد، ولا سبيل إلى اتّباعه، فنزلت الآية، بمعنى : إنكم إذا كنتم من اللّه بهذه المنزلة، فقربه وفراق هذه الحياة الخسيسة أحبّ إليكم، فتمنّوا الموت إن كنتم صادقين، تعتقدون في أنفسكم هذه المنزلة.
قال ابن عطية : ثم أخبر اللّه تعالى أنهم لا يتمنون الموت ولا يريدونه إلا كرها، لعلمهم بسوء حالهم عند اللّه تعالى وبعدهم عنه. وروى كثير من المفسّرين أن اللّه تعالى جعل هذه الآية معجزة لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم، وآية باهرة، وأعلمه أنه إن تمنى أحد منهم الموت في أيام معدودة مات وفارق الدنيا.
فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : تمنّوا الموت على جهة التعجيز وإظهار الآية
، فما تمنّاه أحد، خوفا من الموت، وثقة بصدق محمد صلّى اللّه عليه وسلّم.
ثم توعّدهم اللّه تعالى بالموت الذي لا محيد لهم عنه، ثم بما بعده من الرد إلى اللّه تعالى، عالم الحس والمشاهدة، وعالم المغيبات المجهولة للبشر، فيخبركم بأعمالكم، ويجازيكم عليها بما أنتم له أهل. إن هذه الرّدود القاطعة، والتحدّيات القرآنية السافرة لليهود تدلّ دلالة قاطعة على أنهم قوم لا يريدون الحق، ويزعمون أنهم شعب اللّه المختار، وهذا كذب وافتراء، فهم أبعد الناس عن القربى من اللّه، وعن رضا اللّه عنهم. إنهم قتلة الأنبياء، وطعنة أعراض وكرامات الأنبياء، وهم أبعد الناس عن التوراة وعن أحكام اللّه وشرائعه، إنهم أعداء اللّه والإنسانية على حد سواء، وبخاصة هم أعداء العرب والمسلمين جميعا.
صلاة الجمعة والعمل بعدها
الإسلام دين جمع بين الدنيا والآخرة، والمادة والروح، والعبادة والمعاملة، فهو دين الوسطية والاعتدال، وإعطاء كل ذي حق حقّه، فالعبادة فريضة والجمعة فريضة، يجب احترامها والقيام بها على وجه أتم، من السعي إليها إن كانت جمعة،