تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٦٥٩
و السّعي في الآية : ليس الإسراع في المشي، كالسّعي بين الصّفا والمروة، وإنما المراد إتيان الصلاة بالسكينة والوقار، والسّعي : هو بالنّية والإرادة والعمل. والذّكر :
هو وعظ الخطبة.
ويسنّ لصلاة الجمعة ثلاثة أذانات : ما قبل دخول الوقت بحوالي نصف ساعة أو أقل، والأذان بعد دخول الوقت، وهو الذي زاده عثمان رضي اللّه عنه لما اتسعت المدينة، على الزوراء (أعلى دار كانت بالمدينة قرب المسجد) ويوصف بأنه الأذان الثاني أو الثالث، والأذان بين يدي الخطيب، وهو الأذان الذي كان على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. وقد شاهدت في بلاد المغرب في الرباط وغيرها في وقت واحد أذانات ثلاثة متوالية، قبل شروع الخطيب بالخطبة، وذلك إحياء للسّنة كما يبدو، ولكن الغريب كونها متعاقبة في زمن واحد، حيث لا يصلّون السّنة القبلية.
ويكره البيع تحريما بعد الأذان عند الحنفية، ويحرم عند الآخرين، لكنه ينفذ ويمضى ولا يفسخ عند الشافعية، ويفسخ في المشهور عند المالكية ما لم يتم القبض، ولا يصح عند الحنابلة، لأن الجمعة واجبة على الرجال المقيمين الأحرار الذين لا عذر لهم، وترك الجمعة إخلال بالفرض للأمر بها، و
لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم فيما يرويه أحمد والحاكم عن أبي قلابة، وأحمد والنّسائي وابن ماجه والحاكم عن جابر :«من ترك الجمعة ثلاث مرات متواليات، من غير ضرورة، طبع اللّه على قلبه»
إسناده صحيح ورجاله ثقات، كما قال الهيثمي.
والعمل مباح بعد الفراغ من الصلاة وإتمامها، لقوله تعالى : فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ.. أي إذا أدّيتم الصلاة وفرغتم منها، فيباح لكم التوزّع في نواحي الأرض للتجارة وبقية الأعمال، ولكن لا تنسوا في أثناء العمل تذكر اللّه كثيرا ومتابعة الأذكار، كالتسبيح والتحميد والتكبير والاستغفار ونحو ذلك. وقوله