تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٦٦٦
و صمموا بعد وقعة بني المصطلق (قبيلة من اليهود) على طرد المؤمنين من المدينة، وأحجموا عن الإنفاق في سبيل المصلحة العامة أو الخير، كما يتبين من منطوق الآيات الآتية :
[سورة المنافقون (٦٣) : الآيات ٧ الى ١١]
هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ (٧) يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ (٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٩) وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١١)
«١» «٢» «٣» «٤» [المنافقون : ٦٣/ ٧- ١١].
أخرج البخاري وأحمد والترمذي وغيرهم عن زيد بن أرقم قال : سمعت عبد اللّه ابن أبي يقول لأصحابه :«لا تنفقوا على من عند رسول اللّه حتى ينفضّوا، فلئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعزّ منها الأذلّ»، فذكرت ذلك لعمّي، فذكر ذلك عمي للنّبي صلّى اللّه عليه وسلّم، فدعاني النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم، فحدّثته، فأرسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى عبد اللّه بن أبي وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، فكذّبني، وصدّقه، فأصابني شي ء لم يصبني مثله، فجلست في البيت، فقال عمي : ما أردت إلى أن كذبك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ومقتك، فأنزل اللّه : إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ فبعث إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقرأها، ثم قال :«إن اللّه قد صدّقك».
هؤلاء المنافقون يقولون للأنصار : لا تطعموا أصحاب محمد المهاجرين، حتى يجوعوا ويتفرّقوا عنه. فردّ اللّه عليهم بأن اللّه هو الرزاق لهؤلاء المهاجرين، وبيده
(٢) الغلبة.
(٣) فأتصدّق.
(٤) نهاية العمر.