تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٦٨٠
فإذا اقترب انتهاء العدة، وشارفت المعتدات على انقضاء العدة، أي اقترب وقت انتهاء العدة، فعليكم أيها الأزواج اختيار أحد أمرين : إما الإمساك بالمعروف : وهو الرجعة إلى عصمة الزوج واستمرار الزوجية، مع إحسان الصحبة والمعاشرة بالمعروف كما أمر اللّه تعالى، وإما المفارقة بالمعروف، أي تركهن إلى انقضاء عدتهن، مع إيفاء حقّهن واتّقاء الإضرار بهن، من غير توبيخ ولا مشاتمة، بل تنفصل المرأة على وجه حسن.
ويأمركم اللّه بالإشهاد على الرجعة أو الفراق من شاهدي عدل، حسما للخلاف، وإعلاما للناس حتى لا يطعن بالزوج إن راجع، أو بالمرأة إن تزوجت بزوج آخر، وأدّوا أيها الشهود الشهادة خالصة لوجه اللّه، دون تحيّز أو ميل لأحد الخصمين. وهذه الشهادة على الرجعة والفراق مندوبة باتّفاق المذاهب الأربعة، للإجماع على عدم وجوبها عند الطلاق، فكذلك عند الإمساك.
ذلكم المذكور الذي أمرناكم به من الإشهاد وإخلاص الشهادة لله تعالى، وإيقاع الطلاق على وجه السّنة، وإحصاء العدة، والكفّ عن الخروج والإخراج، إنما يأتمر به من يؤمن بالله واليوم الآخر، ويخاف عقاب اللّه في الآخرة.
ومن يتّق اللّه فيما أمره به وترك ما نهاه عنه، ويقف عند حدوده، يجعل له مخرجا أو مخلصا مما وقع فيه، ويرزقه ما يطعم أهله ويوسع عليه، على وجه لا يخطر بباله، ولا يكون في حسابه.
ومن يفوّض أمره للّه فيما نابه، فالله كافيه، إن اللّه يبلغ ما يريده، ويحقق مراده، قد جعل للأشياء قدرا محددا قبل وجودها، وقدّر لها أوقاتها. والآية كلها عظة لجميع الناس وحضّ على التوكّل.
نزلت آية : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ كما
أخرج الحاكم عن جابر : في رجل من أشجع،


الصفحة التالية
Icon