تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٦٩١
«١» [التّحريم : ٦٦/ ٦- ٩].
يا أيها الذين صدقوا بالله ورسوله، روّضوا أنفسكم وأهليكم، واتّخذوا لها وقاية من النار، أما بالنسبة للنفس فبحملها على طاعة اللّه تعالى، وأما بالنسبة للأهل فبالوصية لهم، والحمل على الطاعة أيضا، حتى لا تصيروا معهم إلى النار الرهيبة، التي تتوقد بالناس والحجارة، كما يتوقد غيرها بالحطب. وهذا دليل على أن المعلّم يجب أن يكون عالما بما يأمر به وينهى عنه.
وعلى النار خزنة من الملائكة غلاظ الخلق والطباع، أشداء القلوب والبطش والفظاظة، ذوو قوة هائلة، والشدة : القوة، وعدد زبانية جهنم تسعة عشر، كما جاء في آية أخرى : عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ (٣٠) [المدّثّر : ٧٤/ ٣٠]. يتميّزون بالطاعة التامّة لله، فلا يخالفونه في أوامره، ويؤدّون ما يؤمرون.
وفائدة الجملتين : لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ أن الأولى لبيان الطواعية في الماضي، والثانية للمستقبل وفورية التنفيذ والامتثال.
ثم أخبر اللّه تعالى عما يقال للكافرين، ليكون ذلك وعظا للمؤمنين، يقال لهم عند دخول النار يوم القيامة، تيئيسا لهم : لا تعتذروا عن شي ء، فالمعذرة لا تنفعكم، وإنما تجزون بأعمالكم، فلا تلوموا إلا أنفسكم.
ثم أمر اللّه المؤمنين بالتوبة النّصوح الخالصة له وهي مبالغة من النّصح، فيا أيها الذين صدقوا بالله ورسوله، ارجعوا إلى اللّه وتوبوا إليه توبة خالصة صادقة، تمحو

(١) لا يفضح ولا يوقعه في مكروه بسبب نقص أو سوء منزلة. [.....]


الصفحة التالية
Icon