تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٧٠٢
تحدّي عبدة الأصنام وإظهار كمال القدرة الإلهية
تحدّى اللّه المشركين عبدة الأصنام وأبطل اعتقاداتهم في أصنامهم من قوة وجلب خير فيها، ثم أقام تعالى أدلّة أربعة على كمال قدرته وهي تحليق الطيور في الهواء، كما في آية سابقة، وتزويد الإنسان بمفاتيح المعرفة، من السمع والبصر والفؤاد أو العقل، وشعوره بذاته في الوجود، وضمان تكاثر النوع الإنساني، ورفده بالمدد الإلهي والرزق الدائم، ثم أظهر اللّه حفظه لنبيّه حين دعوا عليه بالهلاك، وإعذاره حين طالبوا بتعيين وقت العذاب الذي خوّفهم به، كما في هذه الآيات وما بعدها :
[سورة الملك (٦٧) : الآيات ٢٠ الى ٢٤]
أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ إِنِ الْكافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ (٢٠) أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (٢١) أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٢) قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٢٣) قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» [الملك : ٦٧/ ٢٠- ٢٤].
قل يا محمد لهؤلاء المشركين عبدة الأصنام، على جهة الإنكار والتيئيس من تحصيل مبتغاهم من الأوثان : بل من هؤلاء الجند من غير الإله الرحمن، أي أعوان المذهب الذين يعينونكم على ما تطلبون، ويمنعونكم من عذاب اللّه، إن أراد بكم سوءا؟! ما الكافرون في الواقع إلا في تغرير خادع من الشيطان بأن العذاب غير نازل بهم. والآية ردّ على الكافرين الممتنعين من الإيمان، والمعتمدين خطأ على وجود قوة من جهة الإخوان والأعوان.
- وقل لهم أيضا : من هؤلاء الذين يرزقونكم إن منع اللّه رزقه عنكم؟ لا أحد

(١) تغرير من الشيطان بأن العذاب لا ينزل بهم.
(٢) تمادوا واستمروا.
(٣) العتو : العناد والكبر، والنفور : البعد عن الحق.
(٤) ساقطا على وجهه من حين لآخر.
(٥) خلقكم ووزعكم متكاثرين.


الصفحة التالية
Icon