تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٧٣٦
إن الإنسان (اسم جنس يفيد العموم) مجبول على الضجر والهلع : وهو شدة الحرص، وقلة الصبر، فإذا أصابه شرّ من فقر أو مرض مثلا، فهو كثير الجزع، أو الحزن، والشكوى، وإذا أصابه خير من غنى أو منصب وجاه، أو قوة وصحة ونحو ذلك، فهو كثير المنع والبخل. والهلع بعبارة أخرى : فزع واضطراب يعتري الإنسان عند المخاوف وعند المطامع.
أخرج الإمام أحمد وأبو داود عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم :«شرّ ما في الرجل : شحّ هالع، وجبن خالع».
ثم استثنى اللّه تعالى من اتصف بصفات عشر وهي :
- هؤلاء الناس يتّصفون بصفات الذّم، إلا المصلّين الذين يؤدّون صلاتهم، ويحافظون على أوقاتها وواجباتها، ويداومون عليها، وهاتان الصفتان : أداء الصلاة والمواظبة عليها، تساعدان على التخلّص من صفات الهلع والجزع والمنع، أي إن هذا المعنى يقل فيهم، لأنهم يجاهدون أنفسهم بالتقوى، ويؤثرون الآخرة على الدنيا.
- والذين يكون في أموالهم نصيب مقرر لذوي الحاجات والبائسين، سواء سألوا الناس أو تعفّفوا، والسائل : الفقير الذي يتكفّف فيعطى، والمحروم : الذين يتعفّف فيحرم. والحق المعلوم : هو الزكاة المفروضة في رأي. وفي رأي آخر أصح هي في الحقوق التي سوى الزكاة، وهي ما ندبت الشريعة إليه من المواساة. وقد قال ابن عمر والثعلبي ومجاهد وكثير من أهل العلم : إن في المال حقّا سوى الزكاة.
- والذين يوقنون بوجود يوم القيامة يوم الحساب والجزاء، لا يشكون فيه ولا يجحدونه، فهم يعملون عمل من يرجو الثواب، ويخشى العقاب. وسمي يوم القيامة بيوم الدين، لأنه يوم المجازاة، والدين : الجزاء.
- والذين هم خائفون من عذاب اللّه، إذا تركوا الواجبات، واقترفوا المنكرات، فيكون العذاب واقعا بهم إلا بعفو من اللّه تعالى.