تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٧٥٩
تفسير سورة المزملّ
في بدء نزول الوحي بعد نزول سورة العلق «اقرأ» نزلت سورة المزمّل التي تعالج آثار الوحي الثقيل على قلب النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم، وتحمله على ملازمة عبادة اللّه تعالى في الليل والنهار، لتقوى روحانيته وصلته بربّه وتكتمل حالة الخشوع والإخلاص لله، وتطالبه بترتيل القرآن ليتمكن سامعوه من تدبّره وإدراك معانيه، كما تطالبه بكثرة الذكر لله لتستمر الصلة بالله تعالى الذي بيده مقاليد السماوات والأرض، وبالصبر في الدعوة، وتفريغ النهار للدعوة والتبليغ وجهاد المعارضين ومشاغل الحياة واكتساب الرزق،
قال ابن عباس : كان نزول المزمّل في ابتداء الوحي إلى النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم، فإنه لما سمع قول الملك، ونظر إليه، أخذته الرّعدة، فأتى أهله، فقال :«زملوني زملوني» أي غطّوني.
وهذا مطلع سورة المزمّل المكّية :
[سورة المزمل (٧٣) : الآيات ١ الى ١٠]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (٤)إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً (٥) إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً (٦) إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً (٧) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً (٨) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً (٩)
وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً (١٠)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦» «٧» «٨» «٩» «١٠» [المزمّل : ٧٣/ ١- ١٠].
(٢) اقرأه بتثبت وتؤدة.
(٣) شاقّا شديدا.
(٤) قيام الليل بعد النوم.
(٥) مواطأة وموافقة، يتوافق فيها القلب مع السمع على تفهم القرآن.
(٦) أعدل قولا.
(٧) عملا كثيرا سريعا.
(٨) انقطع إليه انقطاعا.
(٩) مفوضا إليه أمورك.
(١٠) الهجر الجميل : هو ما لا عتاب معه.