تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٧٦٧
و في هذه الآية فضيلة الضرب في الأرض للتجارة، وجعل السفر لها كالسفر للجهاد.
فصلّوا ما تيسّر، واقرؤوا في صلاتكم الليلة قبيل الفجر ما تيسّر من القرآن، والمراد بالأمر هنا الإباحة، وقد أعيد الأمر هنا لتأكيد الرخصة وتقريرها، وأدّوا الصلاة المفروضة قائمة بفروضها وأركانها وشرائطها، وملازمة الخشوع فيها، دون غفلة عنها، وأدّوا الزكاة الواجبة في الأموال، وأنفقوا في سبيل اللّه إنفاقا حسنا على الأهل وفي الجهاد، وعلى المحتاجين. وإقراض اللّه تعالى : هو استلاف العمل الصالح عنده مجازا عن القبول.
ثم أكد اللّه تعالى طلب الصدقة ورغّب فيها، فجميع ما تقدّمونه من الخير المذكور وغير المذكور، ثوابه حاصل لكم، وهو خير مما أبقيتموه لأنفسكم في الدنيا، ومما تؤخّرونه إلى وقت الموت، أو توصون به، لإخراجه من التركة بعد موتكم.
ثم أمر اللّه تعالى بالاستغفار، وأوجب لنفسه صفة الغفران، لا إله غيره، فأكثروا من الاستغفار لذنوبكم وفي أموركم كلها، فإنكم قد تقترفون بعض الذنوب، واللّه كثير المغفرة لمن استغفره، كثير الرحمن لمن استرحمه. قال بعض العلماء : فالاستغفار بعد الصلاة مستنبط من هذه الآية، ومن قوله تعالى : كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨) [الذّاريات : ٥١/ ١٧- ١٨].