تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٨١١
حساب وجزاء، تنبئ نبأ يقينيا بما يقع في المستقبل في عالم الآخرة، وتكاد تنخلع القلوب من مواضعها من شدة الأهوال، وألوان العذاب في نيران جهنم، علما بأنه حق عدل مطابق للأفعال والأقوال التي صدرت من الكافرين، وأردت بهم إلى جهنم.
أحوال السعداء يوم القيامة
لما ذكر الله تعالى حال أهل النار، عقّب بذكر حال أهل الجنة، ليتبين الفرق. فهم فائزون ناجون، حيث تخلصوا من النار، وأدخلوا الجنة، فضلا من الله وإحسانا.
والمتأمل في حال الفريقين يجد الفرق واسعا، فيرغب المؤمنون العقلاء بالجنة، ويرهبون المخالفة والعصيان، والتورط في أعمال أهل النار. وبيان حال الفريقين يشتمل على وعيد الكفار، ووعد المؤمنين الأخيار، كما يتضح من هذه الآيات :
[سورة النبإ (٧٨) : الآيات ٣١ الى ٤٠]
إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً (٣١) حَدائِقَ وَأَعْناباً (٣٢) وَكَواعِبَ أَتْراباً (٣٣) وَكَأْساً دِهاقاً (٣٤) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً (٣٥)
جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً (٣٦) رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً (٣٧) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً (٣٨) ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً (٣٩) إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً (٤٠)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦» «٧» «٨» «٩» «١٠» «١١» [النبأ : ٧٨/ ٣١- ٤٠].
هذا مصير المؤمنين الطائعين، وهو أن للذين اتقوا ربهم بالعمل بأوامره،

(١) مكان فوز أو فوزا.
(٢) بدل من (مفازا) أي بساتين مثمرة الأشجار، مسورة بالجدران. [.....]
(٣) جمع كاعب : وهي الفتاة المستديرة الثدي، والأتراب جمع ترب : ذوات السن الواحدة كاللدات.
(٤) إناء بلوريا مملوءا يشرب فيه، والدهاق : الممتلئ.
(٥) اللغو : ساقط الكلام، والكذاب : التكذيب.
(٦) إحسانا من الله كافيا على قدر أعمالهم.
(٧) جبريل.
(٨) مصطفين.
(٩) قولا صوابا.
(١٠) مرجعا.
(١١) كالتراب لم أخلق.


الصفحة التالية
Icon