تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٨٣٦
ارتدعوا أيها الكفار وانزجروا عن الاغترار بحلم الله وكرمه، والواقع أنكم تكذبون بيوم المعاد والحساب والجزاء، حيث لا يحملكم الخوف من هذا اليوم على التزام طاعة الله واجتناب معاصيه.
ثم زاد في التحذير من العناد والتفريط : أن جميع الأعمال مرصودة على الناس بالملائكة، إن عليكم لملائكة حفظة كراما، فلا تقابلوهم بالقبائح، فإنهم يكتبون عليكم جميع أعمالكم، ويعلمون جميع أفعالكم. ولَحافِظِينَ هم الملائكة الذين يكتبون أعمال بني آدم، ووصفهم اللّه تعالى بالكرم الذي هو نفي المذامّ، ويَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ (١٢) لمشاهدتهم حال بني آدم.
والناس يوم القيامة فريقان نتيجة كتابة الحفظة أعمال العباد :
إن الأبرار وهم الذين أطاعوا اللّه عز وجل، ولم يقابلوه بالمعاصي يصيرون إلى دار النعيم وهي الجنة. وإن الفجار : وهم الذين كفروا بالله وبرسله، وقابلوا ربهم بالمعاصي، يصيرون إلى دار الجحيم، وهي النار المحرقة، يدخلونها ويقاسون حرّها، يوم الجزاء والحساب الذي كانوا يكذبون به.
وَ ما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ (١٦) أي لا يفارقون الجحيم ولا يغيبون عن العذاب ساعة واحدة، ولا يخفف من عذابها، بل هم فيها إلى الأبد، ملازمون لها، كما في آية أخرى : وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة : ٢/ ١٦٧]. وهذا تأكيد في الإخبار عن أنهم يصلونها، وأنهم لا يمكنهم المغيب عنها يومئذ.
ثم وصف اللّه تعالى يوم القيامة بما فيه غاية التهويل، مؤكدا ذلك مرتين، في قوله : وَما أَدْراكَ.. أي وما أعلمك وما أعرفك ما يوم الجزاء والحساب وكرر الجملة تعظيما لشأن يوم القيامة، وتفخيما لأمره، مما يستدعي التدبر والتأمل.
ثم أعلن اللّه تعالى قراره الحاسم في شأن الإنسان يوم القيامة، فقال : يَوْمَ لا


الصفحة التالية
Icon