تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٨٤٠
كلا : كلمة ردع وزجر لهم عما يرتكبونه من التطفيف والتكذيب. فارتدعوا أيها الفجار الظلمة عما أنتم فيه من التطفيف والغفلة عن البعث والحساب، فإن الفجار ومنهم المطففون أعمالهم مكتوبة في ديوان الشر، أو سجل أهل النار، وهو السجين.
والسجين : فعّيل من السّجن، كسكّير وشرّيب، أي في موقع ساجن وساكر وشارب، فجاء (سجّين) بناء مبالغة.
وما أعلمك أنت ولا قومك ما هو السجّين؟ إنه الكتاب الذي رصدت فيه أسماؤهم، فهو كتاب مسطور بيّن الكتابة، جامع لأعمال الشر، الصادرة من الشياطين والكفرة والفسقة، وهذا السجل هو السجل الكبير أو العظيم، الذي فيه لكل فاجر صحيفة.
وعذاب وهلاك شديد يوم القيامة لمن كذب بالبعث والجزاء، وبما جاء به الرسل، فهؤلاء المكذبون هم الذين لا يصدقون بوقوع الجزاء، ولا يعتقدون بوجوده، ويستبعدون أمره.
وصفات المكذبين يوم الجزء ثلاث وهي :
لا يكذب بيوم الدين (الجزاء) إلا من كان متصفا بهذه الصفات الثلاث : وهي كونه معتديا، أي فاجرا متجاوزا منهج الحق، وأنه أثيم، كثير الإثم، وهو المنهمك في الإثم في أفعاله، من تعاطي الحرام وتجاوز المباح، وأنه إذا تلي عليه القرآن قال :
أساطير الأولين، أي أخبار المتقدمين وأباطيلهم وأكاذيبهم التي افتروها، تلقّاها محمد صلّى اللّه عليه وسلّم من غيره ممن تقدموه.
وسبب افترائهم على القرآن يستدعي الردع المفهوم من كلمة : كلا، أي ارتدعوا وانزجروا عن هذه الأقوال، فليس الأمر كما زعمتم أيها المعتدون الآثمون، ولا كما قلتم، بل هو كلام اللّه ووحيه وتنزيله على رسوله الكريم عليه السّلام. وإنما السبب في


الصفحة التالية
Icon