تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٨٤٣
و المقربون في هذا الموضع : الملائكة المقرّبون عند اللّه تعالى، أهل كل سماء، كما قال ابن عباس. وكلمة (عينا) إما منصوب على المدح، أو حال من (تسنيم) أو (يسقون).
ثم وصف اللّه تعالى أهل الشرك بصفات أربع، وهم أكابر المشركين كأبي جهل، والوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل السهمي، كانوا يضحكون من عمار، وصهيب وبلال وغيرهم من فقراء المسلمين ويستهزئون بهم.
هذه الصفات : هي أنهم أي كفار قريش وأمثالهم كانوا في الدنيا يستهزئون من المؤمنين، ويسخرون منهم. وإذا مرّ الكفار بالمؤمنين تغامزوا عليهم، محتقرين إياهم، يعيرونهم بالإسلام، ويعيبونهم به، ويتخذونهم هزوا. روي- كما تقدم- أن هذه القصة نزلت في صناديد قريش، وضعفة المؤمنين، أو في علي وجماعة معه من المؤمنين مرّوا بجمع من الكفار في مكة، فضحكوا منهم، واستخفّوا بهم عبثا ونقصان عقل، فنزلت الآية في ذلك.
- ومن صفاتهم : أنه إذا رجع الكفار إلى أهلهم في منازلهم من مجالسهم في السوق رجعوا معجبين بما هم فيه، متلذذين به، يتفكهون بما فعلوا بالمؤمنين، وبما قاموا به من طعن فيهم، واستهزاء بهم.
- وإذا رأى المشركون المؤمنين، وصفوهم بالضلال، لكونهم على غير دينهم وعقائدهم الموروثة، ولاتباعهم محمدا، وتمسكهم بما جاء به، وتركهم التنعم الحاضر بسبب طلب ثواب، لا يدرى : لا يدرى : أله وجود أم لا؟ فرد اللّه تعالى على مواقفهم : بأنه لم يرسل هؤلاء المجرمون من قبل اللّه، رقباء على المؤمنين، يحفظون عليهم أحوالهم وأعمالهم وأقوالهم، ولا كلفوا بهم، وإنما كلفوا بالنظر في شؤون أنفسهم.
واقتصاصا منهم ومعاملة لهم بالمثل، في يوم القيامة يضحك أو يهزأ المؤمنون من


الصفحة التالية
Icon