تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٨٧٢
«١» [الفجر : ٨٩/ ١- ١٦].
المعنى : أقسم بوقت الفجر أو الصبح الذي يظهر فيه النور، لبدء النهار، وبالليالي العشر من بدء كل شهر قمري، ومنها العشر الأوائل من ذي الحجة، وبالزوج والفرد من تلك الليالي ومن كل الأشياء، وبالليل إذا جاء وأقبل، ثم ذهب وأدبر، وجواب القسم : محذوف تقديره : لتبعثن.
أليس في هذا القسم بهذه الأشياء العظيمة قسم كاف يقنع كل ذي عقل أو لبّ؟
و (الحجر) : العقل، والمعنى : فيزدجر ذو العقل، وينظر في آيات اللّه تعالى. ثم ذكر اللّه تعالى مصارع الأمم الخالية الكافرة، وما فعل بها من التعذيب والإهلاك، لتوعد قريش، وبيان الأمثال لها. ألم تعلم يا إنسان، كيف أهلك اللّه قبيلة عاد الأولى، التي كانت تسكن في بلاد الأحقاف، في جنوب شبه الجزيرة العربية، والتي لها اسم آخر :
هو إرم، وكانت ذات مباني عالية، وهذا كناية عن الغنى وبسط العيش، ولم يخلق مثل تلك القبيلة في البلاد المختلفة، أي في زمانهم. فكلمة (إرم) هي قبيلة عاد بعينها، كان نبيها هودا عليه السّلام.
ثم ألم تعلم أيضا ما فعل اللّه بقبيلة ثمود قوم صالح عليه السّلام، الذين قطعوا الصخر ونحتوه، وبنوا بالأحجار بيوتا يسكنون فيها، وقصورا عظيمة، في الحجر : ما بين الشام والحجاز، أو وادي القرى. وما فعل اللّه أيضا بالجبار فرعون حاكم مصر في عهد موسى عليه السّلام، الذي كان صاحب المباني العظيمة، الثوابت كالأوتاد المغروزة في الأرض، ومنها الأهرامات التي بناها الفراعنة لتكون قبورا لهم.
هؤلاء الذين ذكرناهم وهم عاد وثمود وفرعون هم الذين تجاوزوا في بلادهم الحد