تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٩٠٤
و أخبرني أيضا عن حال هذا الطاغية، إن كان سائرا على درب الهدى وعبادة اللّه تعالى، أو أمر غيره بتقوى اللّه بدلا من الأمر بعبادة الأوثان، كما يعتقد؟! والخطاب في هذين الأمرين للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم، وكذلك في قوله : أخبرني يا محمد عن حال هذا الطاغية أبي جهل إن كذّب بدلائل التوحيد الظاهرة، ومظاهر القدرة الباهرة، وأعرض عن الإيمان بدعوتك؟! ثم زجره اللّه وهدده وتوعده بأساليب مختلفة.
أما علم هذا الطاغية أن اللّه يراه ويسمع كلامه ويعلم أحواله، لينزجر ويرتدع عن أفعاله، فو اللّه لئن لم ينته عن مضايقاته ولم ينزجر عن عناده، لنأخذن بناصيته، والناصية : مقدم شعر الرأس، ولنجرنه إلى النار. فليدع أهل ناديه، أي قومه وعشيرته، لمناصرته، وسندعو الزبانية : ملائكة النار الغلاظ الشداد، ليلقوه في جهنم.
أخرج أحمد والترمذي والنسائي عن ابن عباس قال : كان النبي صلّى اللّه عليه وسلّم يصلي، فجاءه أبو جهل، فقال : ألم أنهك عن هذا؟ فزجره النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال أبو جهل : إنك لتعلم ما بها ناد أكثر مني، فأنزل اللّه : فَلْيَدْعُ نادِيَهُ (١٧).
كلا، للزجر والردع، إياك أن تطيعه أيها النبي فيما دعاك إليه من ترك الصلاة، وتقرب إلى اللّه بالطاعة والعبادة، وتابع السجود والتعظيم له، فذلك قوة لك وعزة، وحصن ووقاية.