تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٩٣٠
- والمداومة على العمل الصالح : وهو أداء الفرائض وبقية الطاعات، وفعل الخيرات، وترك المحرمات، وترداد الباقيات الصالحات وهي سبحان اللّه، والحمد لله، ولا إله إلا اللّه، واللّه أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
- والتواصي بالحق وهو كل أمر ثابت صحيح خلاف الباطل : وهو الخير كله من الإيمان بالله عز وجل، واتباع كتبه ورسله عليهم السّلام، في كل عقد وعمل. قال الزمخشري : هو الخير كله. من توحيد اللّه، وطاعته، واتباع كتبه ورسله والزهد في الدنيا، والرغبة في الآخرة.
- والتواصي بالصبر عن المعاصي التي تشتاق إليها النفس بحكم الجبلّة البشرية، والصبر على الطاعات التي يشق على النفس أداؤها، وعلى ما يبتلي اللّه تعالى به عباده من المصائب.
والصبر المذكور داخل في الحق، وذكره بعده مع إعادة الجار والفعل المتعلق هو به، لإبراز كمال العناية به. والصبر : ليس مجرد حبس النفس عما تتوق إليه من فعل أو ترك، بل هو تلقي ما ورد منه عز وجل بالجميل والرضا به، باطنا وظاهرا.
واستدل بعض المعتزلة بما في هذه السورة، على أن مرتكب الكبيرة مخلد في النار، لأنه لم يستثن فيها عن الخسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات. إلخ، وأجيب عنه بأنه لا دلالة في ذلك على أكثر من كون غير المستثنى في خسر، وأما على كونه مخلدا في النار، فلا.
كيف والخسر عام، فهو إما بالخلود إن مات كافرا، وإما بالدخول في النار إن مات عاصيا، ويبقى بعد ذلك الإحالة إلى مغفرة اللّه تعالى، فهو سبحانه إن غفر المعاصي لم يخلد، و
قد ورد في الحديث الثابت الذي أخرجه البزار عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه : أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«من قال : لا إله إلا اللّه، مخلصا دخل الجنة».


الصفحة التالية
Icon