تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٩٣٦
فجعلهم فضلات وبقايا، مثل ورق الزرع أو الشجر إذا أكلته الدواب، ثم راثته، فأهلكهم جميعا. وحجارة من سجيل : أي من ماء وطين، كأنها الآجر ونحوه مما طبخ، وهي المسوّمة عند اللّه تعالى للكفار الظالمين. والعصف : ورق الحنطة وتبنه.
والمعنى : صاروا طحينا ذاهبا كورق الحنطة، أكلته الدواب وراثته، فجمع ذلك المهانة والخسة والتلف.
هذه هي قصة أصحاب الفيل الثابتة ثبوتا قطعيا، أثبتها القرآن، وعاش أحداثها عرب مكة من قريش سنة (٥٧١ م)، في العام الذي ولد فيه النبي محمد صلّى اللّه عليه وسلّم.
وهي قصة عجيبة غريبة، لإظهار مثال من أمثلة قدرة اللّه تعالى، حيث يغفل الناس عن الأمثلة الكثيرة الواقعية المشابهة، يتبين منها أن اللّه تعالى بقدرته العظيمة قادر على أن يدفع السوء عن البيت الحرام وعن كل ما يريد حمايته في كل وقت، وهو القادر على أن يعاقب الطغاة المتجبرين، الذين يشركون مع اللّه إلها آخر، ويصدّون الناس عن البيت الحرام للعبادة فيه، وعن الإيمان برسالة الرسول محمد صلّى اللّه عليه وسلّم.
وكفى بذلك إنذارا وتحذيرا، وحماية وصونا، وفضلا ونعمة، وإعلاما بأن اللّه جلت قدرته ينصر من يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، وعقيدتنا : وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ [ال عمران : ٣/ ١٢٦].