تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٩٤٧
و الجماعة الذين دعوا النبي صلّى اللّه عليه وسلّم إلى هذا، من تمويله وتزويجه من شاء من كرائم نساء قريش : هم الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، والأسود بن المطلب، وأمية ابن خلف، وأبّي بن خلف، وأبو جهل، وابنا الحجاج، ونظراؤهم ممن لم يسلم بعد. فنزلت هذه السورة للرد عليهم، ومضمونه :
قل أيها الرسول لقومك القرشيين : يا أيها الكافرون، لا أعبد على الإطلاق ما تعبدون من الأصنام والأوثان، فلست أعبد آلهتكم بأية حال. والآية تشمل كل كافر على وجه الأرض، والبدء بكلمة (قل) لرفع الحرج عن النبي، وبيان أنه مأمور بهذا الكلام، لا من عند نفسه.
لن أفعل في المستقبل ما تطلبونه مني من عبادة آلهتكم، ولا أنتم فاعلون في المستقبل ما أطلب منكم من عبادة إلهي.
لا أعبد أنا عبادتكم، أي لا أسلكها ولا أقتدي بها، وإنما أعبد اللّه على الوجه الذي يحبه ويرضاه، وأنتم لا تقتدون بأوامر اللّه وشرعه في عبادته، بل قد اخترعتم شيئا من تلقاء أنفسكم، لأن عبادة الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم وأتباعه المؤمنين برسالته خالصة لله لا شرك فيها ولا غفلة عن اللّه الإله المعبود بحق. وهم يعبدون اللّه بما شرعه.
والمشركون يعبدون غير اللّه عبادة لم يأذن اللّه بها، فكلها شرك وإشراك، ووسائلها من صنع الهوى والشيطان.
قيل : في الآيات تكرار، والغرض التأكيد، لقطع أطماع الكفار عن أن يجيبهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى ما سألوه من عبادته آلهتهم.
والقرار الفصل والقول الحسم الذي يجعل الاستقلال لكل فئة أو جماعة بدينها :
هو أن لكم إشراككم أو كفركم، ولي ديني ومذهبي وهو التوحيد والإخلاص لله أو


الصفحة التالية
Icon