تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٩٦٣
وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [المائدة : ٥/ ٦٧]، ويقول : إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ [الحجر :
١٥/ ٩٥].
المعنى : قل أيها النبي : ألجأ إلى اللّه، وأستعيذ برب الصبح، لأن الليل ينفلق عنه، وبرب كل ما انفلق عن جميع ما خلق اللّه أو انفلق عن غيره، من الحيوان، والنبات، والحب، والنوى، والمطر، والولد، وكل شي ء يفلقه اللّه. وأعوذ بالله تعالى خالق الكائنات من شر كل ما خلقه اللّه من جميع مخلوقاته. وفيه إشارة إلى أن القادر على إزالة الظلمة عن وجه الأرض، قادر على دفع ظلمة الشرور والآفات والحسد والسحر والعين ونحو ذلك عن الإنسان.
أخرج الترمذي وحسنه، والبيهقي، عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه، قال :«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يتعوذ من عين الجان، ومن عين الإنس، فلما نزلت سورتا المعوذتين أخذ بهما وترك ما سوى ذلك».
أخرج مالك في الموطأ عن عائشة رضي اللّه عنها :«أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان إذا اشتكى، يقرأ على نفسه بالمعوذتين وينفث، فلما اشتد وجعه، كنت أقرأ عليه، وأمسح بيده، رجاء بركتهما».
ثم بعد تعميم الاستعاذة من جميع المخلوقات، خص بالذكر ثلاثة أشياء، لأنها أعظم الشرور وهي :
- وأعوذ بالله من شر الليل إذا أقبل، ودخل ظلامه في كل شي ء، وغشّى ما يحيط به، لأن في الليل مخاوف ومخاطر من سباع البهائم، وهوام الأرض، وأهل الفسق والفساد.
- وأعوذ بالله من شر النفوس أو شر الساحرات، لأنهن كن ينفثن (أي ينفخن) في عقد الخيوط، حين يسحرن بها. فالنفاثات : صفة للنفوس رجالا أو نساء.


الصفحة التالية
Icon