ج ١٢، ص : ٤١٤
من العقاب.
٣ - إن اللّه عز وجل طهر نفوس الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من الأخلاق الذميمة والأفعال الرذيلة، وجبلهم على الأخلاق الشريفة الطاهرة، التي تحجزهم عن فعل ما لا يليق فعله، وتكرّه إليهم الفسوق والعصيان، وتزين الإيمان والطاعة في قلوبهم بدليل قوله تعالى كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ.
٢ - حذف أداة النداء :
قال النحويون : إنه يجوز حذف أداة النداء وتقديرها، وقد ورد ذلك في الآية الكريمة بقوله تعالى يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا وفي آيات أخرى كقوله تعالى رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا أي يا ربنا، وهذا كثير وشائع في أساليب العرب، وأداة النداء المحذوفة المقدرة هي (يا) لكونها أشهر أدوات النداء، ولا ينادى اسم اللّه عز وجل إلا بها.
وإذا ولي (يا) ما ليس بمنادى كالفعل (ألا يا اسجدوا) والحرف كقوله تعالى (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً وقولهم يا ربّ كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة والجملة الاسمية : كقول الشاعر
يا لعنة اللّه والأقوام كلهم والصالحين على سمعان من جار
فقيل بأن (يا) فيما سبق للنداء والمنادي محذوف، وقيل هي لمجرد التنبيه، لئلا يلزم الإجحاف بحذف الجملة كلها. وهذا هو الصواب واللّه تعالى أعلم. وقال ابن مالك إن وليها دعاء كالبيت السابق أو أمر كما في قولنا (ألا يا اسجدوا) فهي للنداء، لكثرة وقوع النداء قبل الدعاء والأمر كقوله تعالى يا آدَمُ اسْكُنْ يا نُوحُ اهْبِطْ وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ وإلا فهي للتنبيه.
[سورة يوسف (١٢) : الآيات ٣٠ إلى ٣١]
وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَها حُبًّا إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٠) فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (٣١)