ج ٢٣، ص : ١٢٤
(السوق)، جمع ساق.. (انظر الآية ٤٤ من سورة النمل).
الفوائد
- فتنة سليمان عليه الصلاة والسلام :
ذكر أصحاب الأخبار، عن سليمان عليه الصلاة والسلام، أمورا لا تليق بمقام النبوة، ولا يصدقها عقل سليم، وتبدو هذه الأخبار من نسج اليهود، الذين دأبوا على تشوية سمعة الأنبياء والنيل من كرامتهم، ومن هذه الأخبار ما ذكروه، بأن سليمان عليه الصلاة والسلام، غزا ملكا في البحر، وتزوج ابنته، فجعلت تبكي والدها، فصنع له الشياطين تمثالا لصورة والدها، وألبسوا التمثال ثيابا تشبه ثياب والدها، ثم صارت تسجد له مع ولائدها أربعين يوما، دون أن يعلم سليمان. ثم إنه دخل على زوجته - أمينة، فنسي خاتمه، فجاء الشيطان صخر، وتمثل بصورة سليمان عليه الصلاة والسلام، وأخذ الخاتم، وجلس على سرير ملكه أربعين يوما، وبعد أن كشف أمره هب وألقي الخاتم في البحر، فابتلعته سمكة، فأخذها سليمان وبقر بطنها، وأخذ الخاتم، وعاد إلى ملكه، وأمر بالشيطان صخر، فأدخله في جوف صخرة وسدّ عليه بأخرى، ثم أوثقها بالحديد والرصاص، ثم أمر به فقذفوه في البحر. إلى آخر الأسطورة، التي تبدو - بما لا يدع مجالا للشك - من نسج الخيال، ومن افتراءات اليهود الذين ما برحوا ينالون من الأنبياء والأطهار. قال القاضي عياض وغيره من المحققين : لا يصح ما نقله الأخباريون من تشبيه الشيطان بسليمان (صلّى اللّه عليه وسلم) وتسليطه على ملكه، وتصرفه في أمته بالجور في حكمه، وإن الشياطين لا يسلطون على مثل هذا، وقد عصم اللّه تعالى الأنبياء من مثل هذا. والذي ذهب إليه المحققون، أن سبب فتنته ما
أخرجاه في الصحيحين، من حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال : قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلم) : قال سليمان : لأطوفن الليلة على تسعين امرأة، كلهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل اللّه تعالى. فقال له صاحبه : قل إن شاء اللّه، فلم يقل : إن شاء اللّه، فطاف عليهن جميعا، فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة، جاءت بشق رجل، وايم اللّه الذي نفسي بيده، لو قال إن شاء اللّه لجاهدوا في سبيل اللّه فرسانا أجمعون، وفي رواية لأطوفن بمئة امرأة،