ج ٢٣، ص : ١٥٥
مجسدة ظاهرة، وهي لوحة تسري فيها الحياة والحركة، وتنبض فيها الخطوط والألوان، فقال تعالى يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ ومعنى التكوير اللف يقال : كار العمامة على رأسه وكوّرها، ويقول الزمخشري إن الليل والنهار خلفه يذهب هذا ويغشى مكانه هذا، ومن هنا ندرك مبلغ التصوير والحركة في صورة الليل والنهار وتواليهما مع الأيام، وندرك معنى التكوير الذي ينشئ في الذهن والخيال تلك الحركة الدائبة، واللف والدوران، الذي يتراءى للخيال في تعاقب الليل والنهار، فالصورة ماثلة والحركة مطردة أبدا بلا نفاد، والليل والنهار متلاحقان متتابعان دون توقف أو إبطاء.
٢ - الظلمات الثلاث :
قال ابن عباس : الظلمات الثلاث هي : ظلمة البطن، وظلمة الرحم، وظلمة المشيمة (وهي غشاء ولد الإنسان). إذا وقف الإنسان متأمّلا، متدبّرا نشأته في الرحم، وأطواره في هذه الظلمات الثلاث، وكيف تحوطه عناية اللّه عز وجل، ليكمل في بطن أمه تسعة أشهر، ثم يأتي مولودا إلى هذا الوجود، فإنه لا يسعه إلا أن يخر ساجدا لعظمة اللّه عز وجل، ولقدرته العظيمة التي رعته وأنشأته مخلوقا سويا في ظلمات ثلاث.
[سورة الزمر (٣٩) : آية ٧]
إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٧)
الإعراب :
(الفاء) رابطة لجواب الشرط (عنكم) متعلّق بغنيّ (الواو) عاطفة (لعباده) متعلّق بـ (يرضى)، (الواو) عاطفة (لكم) متعلّق بـ (يرضه)، (الواو) استئنافيّة (لا) نافية (وزارة) صفة نابت عن موصوف أي نفس وزارة وكذلك (أخرى) (إلى ربّكم) متعلّق بمحذوف خبر مقدّم