ج ٢٣، ص : ١٧٠
وجملة :« ويل للقاسية... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة :« أولئك في ضلال... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ - أو تعليليّة.
الفوائد
- ورود (من) بمعنى (عن) :
ورد في الآية التي نحن بصددها (من) بمعنى عن، في قوله تعالى فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أي عن ذكر اللّه، وقوله تعالى يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا أي عن هذا. وقيل : هي في هذه للابتداء، لتفيد أن ما بعد ذلك من العذاب أشدّ، وكأن هذا القائل يعلق معناها بويل : مثل قوله تعالى فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ، ولا يصح كونه تعليقا صناعيا للفصل بالخبر، وقيل : هي فيهما للابتداء، أو هي في الأولى للتعليل، أي من أجل ذكر اللّه، لأنه إذا ذكر قست قلوبهم.
وزعم ابن مالك أن (من) في نحو (زيد أفضل من عمرو) للمجاوزة، وكأنه قيل : جاوز زيد عمرا في الفضل، قال : وهو أولى من قول سيبويه وغيره : إنها لابتداء الارتفاع، في نحو (أفضل منه)، وابتداء الانحطاط في نحو (شر منه)، إذ لا يقع بعدها إلى. وقد يقال : ولو كانت للمجاوزة لصح أن يحل محلها (عن).
هذا وقد أفادت الآية ورود اسم الفاعل بمعنى الصفة المشبهة في قوله تعالى فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ. و(قاسية) اسم فاعل، ولكنها صفة مشبهة، لأنها دلت على صفة ثابتة فيهم، وهذه الصفة رفعت فاعلا وهو (قلوبهم)، وتقول القاعدة : إذا ورد اسم الفاعل أو اسم المفعول، ودلا على صفات ثابتة، فيعتبران :(صفة مشبهة)، مثل :
(هذا رجل معتدل القامة) و(عليّ محمود السيرة).