ج ٢٦، ص : ٢٠٠
نمت؟ فقلت : لا واللّه يا رسول اللّه، قد هممت مرارا أن أستغيث بالناس، حتى سمعتك تقرعهم بعصاك تقول لهم : اجلسوا. فقال : لو خرجت لم آمن عليك أن يتخطفك بعضهم. ثم قال : هل رأيت شيئا، قلت : نعم رأيت رجالا سودا عليهم ثياب بيض، قال : أولئك جن نصيبين، سألوني المتاع، والمتاع الزاد، فمتعتهم بكل عظم حائل وروثة وبعرة. أما العظم فطعامهم، وأما الروث والبعر فعلف دوابهم. فقالوا يا رسول اللّه يقذرها الناس علينا، فنهى النبي (صلى اللّه عليه وسلم) أن يستنجى بالعظم والروث.
قال : فقلت : يا رسول اللّه وما يغني ذلك عنهم، فقال : إنهم لا يجدون عظما إلا وجدوا عليه لحمه يوم أكل، ولا روثة إلا وجدوا فيها حبها يوم أكلت. فقلت : يا رسول اللّه سمعت لغطا شديدا، فقال : إن الجن تدارءت في قتيل قتل بينهم، فتحاكموا إلي، فقضيت بينهم بالحق.
وفي الجن ملل كثيرة مثل الإنس، ففيهم اليهود والنصارى والمجوس وعبدة الأصنام. وأطبق المحققون من العلماء على أن الكل مكلفون. سئل ابن عباس هل للجن ثواب فقال : نعم، لهم ثواب وعليهم عقاب.
[سورة الأحقاف (٤٦) : آية ٣٣]
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ (٣٣)
الإعراب :
(الهمزة) للاستفهام التوبيخيّ (الواو) عاطفة (الذي) موصول في محلّ نصب نعت للفظ الجلالة (الواو) عاطفة (بخلقهنّ) متعلّق بـ (يعي)، (قادر) مجرور لفظا مرفوع محلّا خبر أنّ... « ١ »
والمصدر المؤوّل (أنّ اللّه...) في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعولي يروا
(١) زيدت الباء في خبر أنّ، والكلام مثبت، لأنّ المعنى على تقدير أليس اللّه بقادر، والقاعدة الكلّية في النحو تقول : قد يعطى الشي ء حكم ما أشبهه في معناه.