ج ٢٦، ص : ٢٥٧
أطاعوا آتاهم اللّه أجرهم، وإن تولّوا عذبهم عذابا أليما. وقد اختلف العلماء من هم القوم أولو البأس الشديد، فقال ابن عباس ومجاهد : هم أهل فارس، وقال كعب : هم الروم، وقال الحسن : هم فارس والروم، وقال سعيد بن جبير :
هوازن وثقيف، وقال قتادة : هوازن وثقيف وغطفان يوم حنين، وقال الزهري وجماعة : هم بنو حنيفة أهل اليمامة أصحاب مسيلمة الكذاب، وأقوى هذه الأقوال قول من قال : إنهم هوازن وثقيف، لأن الداعي هو رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) وأبعدها قول من قال : إنهم بنو حنيفة أصحاب مسيلمة الكذاب. أما الدليل على صحة القول الأول، فهو أن العرب كان قد ظهر أمرهم في آخر الأمر على عهد النبي (صلى اللّه عليه وسلم) فلم يبق إلا مؤمن أو كافر مجاهر، وأما المنافقون فكان قد علم حالهم لامتناع النبي (صلى اللّه عليه وسلم) من الصلاة عليهم، وكان الداعي هو رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) إلى حرب من خالفه من الكفار، وكانت هوازن وثقيف من أشد العرب بأسا، وكذلك غطفان، فاستنفر النبي (صلى اللّه عليه وسلم) العرب لغزو حنين وبني المصطلق. فصحّ بهذا البيان أن الداعي هو النبي (صلى اللّه عليه وسلم).
[سورة الفتح (٤٨) : الآيات ١٨ إلى ٢١]
لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً (١٨) وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (١٩) وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً (٢٠) وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيراً (٢١)


الصفحة التالية
Icon