ج ٢٧، ص : ١٢٩
وجهين : أحدهما، هو شي ء مقدم، وهو جحودهم وإنكارهم. فقيل لهم : ليس الأمر كذلك، ثم استؤنف القسم. أما الوجه الثاني : أن منفيّها أقسم، وذلك على أن يكون إخبارا لا إنشاء، واختاره الزمخشري، قال : والمعنى في ذلك أنه لا يقسم بالشي ء إلا إعظاما له، بدليل فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ، وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ فكأنه قيل : إن إعظامه بالإقسام به كلا إعظام، أي إنه يستحق إعظاما فوق ذلك.
- وقيل : هي زائدة، واختلف هؤلاء في فائدتها على قولين :
١ - أنها زيدت تمهيدا لنفي الجواب، والتقدير : لا أقسم بيوم القيامة لا يتركون سدى، ومثله قوله تعالى فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ.
٢ - أنها زيدت لمجرد التوكيد وتقوية الكلام، كما في قوله تعالى لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ.
الموضع الثاني : قوله تعالى : قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً قيل : إنّ (لا) نافية. وقيل : ناهية وقيل : زائدة. والجميع محتمل.
حكم مس القرآن..
كان ابن عباس ينهى أن يمكّن غير المسلم من مس القرآن وقراءته. قال الفراء لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن به، وقال قوم : معنى الآية : لا يمسه إلا المطهرون من الأحداث والجنابات. وظاهر الآية نفي، ومعناها نهي. قالوا : لا يجوز للجنب ولا للحائض ولا للمحدث (غير المتوضئ) حمل المصحف ولا مسه. وهذا قول عطاء وطاووس وسالم والقاسم وأكثر أهل العلم. وبه قال مالك والشافعي وأكثر الفقهاء، ويدل عليه ما
روى مالك في الموطأ، عن عبد اللّه بن أبي بكر، أن في الكتاب الذي كتبه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم) لعمرو بن حزم :(أن لا تمس القرآن إلا طاهرا) أخرجه مالك مرسلا. وقد جاء هذا الحديث موصولا، عن أبي بكر بن محمد عن أبيه عن جده، أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم) كتب إلى أهل اليمن بهذا.
والصحيح الإرسال، وقد نهى رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلّم) أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو وقال الحكم وحماد وأبو


الصفحة التالية
Icon