ج ٢٧، ص : ٢٠
الفوائد :
معاني الهمزة...
الأصل في الهمزة أنها حرف للاستفهام كقولنا :(أ أنت فعلت هذا؟) ولكنها قد تخرج عن الاستفهام الحقيقي، فترد لثمانية معان :
١ - التسوية : وربما توهم أن المراد بها الهمزة الواقعة بعد كلمة سواء، وليس كذلك، بل كما تقع بعدها تقع بعد :
(ما أبالي) و(ما أدري) و(ليت شعري) ونحوهن والضابط أنها الهمزة الداخلة على جملة يصح حلول المصدر محلها.
كقوله تعالى : سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ونحو (ما أبالي أقمت أم قعدت) والتأويل (سواء عليهم الاستغفار وعدمه) و(ما أبالي بقيامك أو قعودك).
٢ - الإنكار الإبطالي : وهذه تقتضي أن ما بعدها غير واقع، وأن مدّعيه كاذب، نحو قوله تعالى في الآية التي نحن بصددها أَفَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً ومن جهة إفادة هذه الهمزة نفي ما بعدها، لزم ثبوته إن كان منفيا، لأن نفي النفي إثبات، ومنه قوله تعالى : أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ. ومنه قول جرير في عبد الملك بن مروان.
ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح
وقيل : هو أمدح بيت قالته العرب، ولو كان على الاستفهام الحقيقي، لم يكن مدحا البتة.
٣ - الإنكار التوبيخي : فيقتضي أن ما بعدها واقع، وأن فاعله ملوم، كقوله تعالى : أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ.
٤ - التقرير : ومعناه حملك المخاطب على الإقرار والاعتراف بأمر قد استقر عنده ثبوته أو نفيه ويجب أن يليها الشي ء الذي تقرره به، تقول في التقرير بالفعل :