ج ٢٧، ص : ٨٤
جملة :« إنّا (خلقنا) كلّ شي ء » لا محلّ لها استئنافيّة وجملة :« خلقنا... » لا محلّ لها تفسيريّة « ١ » وجملة :

« ما أمرنا إلّا واحدة » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة
الفوائد :
- الإيمان بالقدر..
أفادت هذه الآية، أن اللّه عز وجل، قد قدّر كل شي ء خلقه، لذلك يجب الإيمان بالقدر،
عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص قال : سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم) يقول : كتب اللّه مقادير الخلائق كلها، قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة. قال وعرشه على الماء.
عن أبي هريرة قال : جاءت مشركو قريش إلى النبي (صلّى اللّه عليه وسلّم) يخاصمونه في القدر، فنزلت هذه الآية إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ إلى قوله إِنَّا كُلَّ شَيْ ءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ. قال الشيخ محيي الدين النووي رحمه اللّه : اعلم أنّ مذهب أهل الحق إثبات القدر. ومعناه أن اللّه تعالى قدر الأشياء في القدم، وعلم سبحانه وتعالى أنها ستقع في أوقات معلومة عنده سبحانه وتعالى، وعلى صفات مخصوصة، فهي تقع على حسب ما قدرها اللّه تعالى. وأنكرت القدريّة وزعمت أنه سبحانه وتعالى لم يقدرها، ولم يتقدم علمه بها، وأنها مستأنفة العلم، أي إنما يعلمها بعد وقوعها. وكذبوا على اللّه سبحانه وتعالى عن أقوالهم الباطلة علوّا كبيرا.
وسميت هذه الفرقة « قدرية » لإنكارهم القدر، وقال أصحاب المقالات من المتكلمين : وقد انقرضت القدرية القائلون بهذا القول الشنيع الباطل، وصارت القدرية في الأزمان المتأخرة تعتقد إثبات القدر، ولكن تقول الخير من اللّه والشرّ من غيره، تعالى اللّه عن قولهم علوا كبيرا، فاللّه سبحانه وتعالى خالق كل شي ء، الخير والشر، لا يكون شي ء منهما إلا بمشيئته، فهما مضافان إليه سبحانه وتعالى، خلقا وإيجادا، وإلى الفاعلين لهما من عباده، فعلا واكتسابا. قال الخطابي : وقد يحسب كثير من الناس أن معنى القضاء والقدر إجبار اللّه تعالى العبد وقهره على ما قدره وقضاه،
_
(١) جعلها أبو البقاء نعتا لـ (كلّ شي ء).. وهو صحيح إذا قدّر عامل (كلّ) فعلا آخر غير مادة الخلق


الصفحة التالية
Icon