ج ٢٩، ص : ١٣٣
الثلثين، وكان الرجل منهم، لا يدري متى ثلث الليل أو متى نصفه أو متى ثلثاه، فكان يقوم الليل كله حتى يصبح، مخافة ألا يحفظ القدر الواجب، واشتد ذلك عليهم حتى انتفخت أقدامهم، فرحمهم اللّه، وخفف عنهم، ونسخها بقوله :« فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ». قيل : ليس في القرآن سورة نسخ آخرها أوّلها إلّا هذه السورة. وكان بين نزول أولها ونزول آخرها سنة. وقيل : ستة عشر شهرا. وكان قيام الليل فرضا، ثم نسخ بعد ذلك في حق الأمة بالصلوات الخمس. وثبتت فرضيته على النبي (صلّى اللّه عليه وسلّم) بقوله تعالى :(ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا).
عن سعد بن هشام قال : انطلقت إلى عائشة، فقلت : يا أم المؤمنين، أنبئيني عن خلق رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم). قالت : أ لست تقرأ القرآن؟ قلت : بلى؟ قالت : فإن خلق رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم) القرآن، قلت : فقيام رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم) قالت : أ لست تقرأ المزمل؟ قلت :
بلى، قالت : فإن اللّه افترض القيام في أول هذه السورة، فقام رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم) وأصحابه حولا حتى انتفخت أقدامهم، وأمسك اللّه خاتمتها اثني عشر شهرا في السماء، ثم أنزل التخفيف في آخر هذه السورة، فصار قيام الليل تطوعا بعد فريضة.
[سورة المزمل (٧٣) : الآيات ٥ إلى ٦]
إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً (٥) إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً (٦)
الإعراب :
(عليك) متعلّق بـ (سنلقي)، (هي) ضمير فصل « ١ »، (وطئا) تمييز منصوب (أقوم قيلا) مثل أشدّ وطئا.
جملة :« إنّا سنلقي... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة :« سنلقي... » في محلّ رفع خبر إنّ.
(١) يجوز أن يكون ضميرا منفصلا مبتدأ خبره أشدّ والجملة خبر إنّ.