ج ٢٩، ص : ١٧٥
الفوائد :
- هل يرى المؤمنون ربهم في الآخرة؟
قال علماء أهل السنة : رؤية اللّه سبحانه وتعالى ممكنة، غير مستحيلة عقلا، وأجمعوا على وقوعها في الآخرة، وأن المؤمنين يرون اللّه سبحانه وتعالى دون الكافرين، بدليل قوله تعالى :(كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ). وزعمت طوائف من المعتزلة والخوارج والمرجئة أن اللّه تعالى لا يراه أحد من خلقه، وأن رؤيته مستحيلة عقلا، لكن قولهم هذا لا يستند إلى دليل من الكتاب أو السنة، وإنما يقوم على الرأي والظن، وقد تظاهرت أدلة الكتاب والسنة، وإجماع الصحابة ومن بعدهم من سلف الأمة، على إثبات رؤية اللّه تعالى، وقد رواها نحو من عشرين صحابيا عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم)، وآيات القرآن فيها مشهورة، واعتراض المعتزلة لها أجوبة مشهورة في كتب المتكلمين من أهل السنة، وليس هنا موضع ذكرها ثم مذهب أهل الحق أن الرؤية قوة يجعلها اللّه في خلقه، ولا يشترط فيها اتصال الأشعة، ولا مقابلة المرئي، ولا غير ذلك.
وأما الأحاديث
فقد روي عن ابن عمر رضي اللّه عنهما : أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم) قال : إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانه وأزواجه ونعيمه وخدمه مسيرة ألف سنة، وأكرمهم على اللّه من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية، ثم قرأ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم) :(وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة)
عن جرير بن عبد اللّه قال : كنا عند رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم) فنظر إلى القمر ليلة البدر، قال : إنكم سترون ربكم عيانا كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا عن صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا، ثم قرأ :(وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ).
هذا وقد وردت أحاديث أخرى صحيحة بهذا الصدد لا مجال لعرضها جميعا.