ج ٣٠، ص : ٣٥٨
مسعود : لو كان العسر في جحر لطلبه اليسر، حتى يدخل عليه ويخرجه. إنه لن يغلب عسر يسرين.
قال المفسرون، في معنى قوله : لن يغلب عسر يسرين : إن اللّه تعالى كرر لفظ العسر، وذكره بلفظ المعرفة، وكرر اليسر بلفظ النكرة. ومن عادة العرب، إذا ذكرت اسما معرفا، ثم أعادته، كان الثاني هو الأول وإذا ذكرت اسما نكرة، ثم أعادته، كان الثاني غير الأول. وقال بعضهم، إن مع العسر الذي في الدنيا للمؤمن يسرا في الآخرة. وربما اجتمع اليسران : يسر الدنيا وهو ما ذكره في الآية الأولى، ويسر الآخرة وهو ما ذكره في الآية الثانية. فقوله : لن يغلب عسر يسرين، أي إن عسر الدنيا لن يغلب اليسر الذي وعده اللّه المؤمنين في الدنيا واليسر الذي وعدهم في الآخرة، وإنما يغلب أحدهما، وهو يسر الدنيا. فأما يسر الآخرة، فدائم أبدا غير زائل. قال القشيري كنت يوما في البادية، بحالة من الغم، فألقي في روعي بيت شعر فقلت :
أرى الموت لمن أصب - - - - ح مغموما له أروح
فلما جنّ الليل سمعت هاتفا يهتف في الهواء :
ألا يا أيها المرء الذي الهمّ به برّح وقد أنشد بيتا لم
يزل في فكره يسنح إذا اشتد بك العسر ففكر في ألم نشرح فعسر بين يسرين
إذا أبصرته فافرح
قال : فحفظت الأبيات ففرج اللّه عني.
[سورة الشرح (٩٤) : الآيات ٧ إلى ٨]
فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ (٨)
الإعراب :
(الفاء) عاطفة (الفاء) الثانية رابطة لجواب الشرط (الواو) عاطفة (إلى ربّك) متعلّق بـ (ارغب)، (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر.