ج ٦، ص : ٣٦٥
٣ القصاص والعفو :
قوله فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ : من تصدق بالقصاص متطوعا، سواء كان هو ولي الدم في حالة القتل - والصدقة تكون بأخذ الدية مكان القصاص، أو بالتنازل عن الدم والدية معا وهذا من حق الولي، إذ العقوبة والعفو متروكان له، ويبقى للإمام تعزير القاتل بما يراه - أو كان هو صاحب الحق في حالة الجروح كلها فتنازل عن القصاص، من تصدق فصدقته هذه كفارة لذنوبه يحطها بها اللّه عنه وكثيرا ما تستجيش هذه الدعوة إلى السماحة والعفو، وتعليق القلب بعفو اللّه ومغفرته نفوسا لا يغنيها العوض المالي، ولا يسلبها القصاص ذاته عمن فقدت أو عما فقدت، إن القصاص غاية ما يستطاع في الأرض لإقامة العدل وتأمين المجتمع، ولكن تبقى في النفس بقية لا يمسح عليها إلا تعليق القلوب بالعوض الذي يجي ء من عند اللّه.
روى الإمام أحمد، قال : حدثنا وكيع، حدثنا يونس بن أبي اسحق عن أبي السفر قال :« كسر رجل من قريش سن رجل من الأنصار فاستعدى عليه معاوية، فقال معاوية : سنرضيه، فألح الأنصاري، فقال معاوية : شأنك بصاحبك، وأبو الدرداء جالس، فقال أبو الدرداء : سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول :
« ما من مسلم يصاب بشي ء من جسده فيتصدق به إلا رفعه اللّه به درجة أو حط به عنه خطيئة »

فقال الأنصاري : فإني قد عفوت ». وهكذا رضيت نفس الرجل واستراحت بما لم ترض من مال معاوية الذي لوح له به للتعويض.


الصفحة التالية
Icon