﴿ قد استكثرتم من الإنس ﴾ أي: من إغوائهم واستهوائهم، حتى صاروا لكم أشياعاً وأتباعاً.
﴿ وقال أولياؤهم من الإنس ﴾ أي: وقال أولياء الجن الذين أطاعوهم من الإنس: ﴿ ربنا استمتع بعضنا ببعض ﴾، أي: انتفع بعضنا ببعض، واستمتاع الإنس بالجن ما حصل لهم من الشهوات بواسطة تسويلهم وتسهيلهم، واستمتاع الجن بالإنس طاعتهم لهم فيما زيّنوه لهم من الكفر والمعاصي.
فإن قيل: أي غرض لهم ونفع في كفر الإنس ومعصيتهم؟
قلت: هم قوم طبعوا على الشّر، فهم يرتاحون إلى اجتذاب الإنس إليه وإن لم يكن لهم فيه نفع، كما قيل (١) :
من الناسِ من يرتاحُ للشرِّ طبعُه | وإن لم يكن فيه غِنىً وغِنَاء |
كما يشرف الياقُوت والدُّرّ عقعق | وليسَ له في ذا وذاكَ غِذاء |
واستمتاعُ الجن: فخرُهم بذلك على قومهم حيث اعترف لهم الجن والإنس بالسيادة. وهذان القولان مرويان عن ابن عباس (٢).
وقيل: استمتاع الجن: إغواؤهم الإنس، واستمتاع الإنس: ما يتلقونه منهم
(١) لم أعرف قائل البيتين.
(٢) زاد المسير (٣/١٢٣).
(١/٤)
---------***#@--فاصل_صفحات---@#***--------
(٢) زاد المسير (٣/١٢٣).
(١/٤)
---------***#@--فاصل_صفحات---@#***--------