إلا الباطل، ﴿ إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون ﴾ أي: تكذبون.
﴿ قل فلله الحجة البالغة ﴾ حيث أنزل الكتب وبعث الرسل، وأوضح الدلائل، لأنكم أيها المحتجون لصحة شركهم وباطلهم والمعتقدون رضى الله بما هم عليه، حيث لم يقهرهم على تركه، بل أرخى لهم أعنّة تماديهم في ميادين غيّهم.
﴿ فلو شاء لهداكم أجمعين ﴾ قال جويرية بن أسماء (١) : سمعت علي بن زيد تلا هذه الآية: ﴿ قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ فنادى بأعلى صوته: انقطع والله هاهنا كلام القدرية (٢).
قوله تعالى: ﴿ قل هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا ﴾. "هَلُمّ" (٣) كلمة يستوي في الدعاء بها الواحد والاثنان والجماعة، والمذكر والمؤنث. هذه لغة أهل الحجاز، وبها جاء القرآن.
وأما بنو تميم وأهل نجد فإنهم يقولون للواحد: هَلُمَّ، وللاثنين: هَلُمَّا، وللجماعة: هَلُمُّوا، وللأنثى: هَلُمِّي، وللثنتين: هَلُمَّا، وللنسوة: هَلْمُمْنَ.
والمعنى: هاتوا شهداءكم. والمراد بهذا: تبكيتُهم وإظهار انقطاع حجتهم.
﴿ الذين يشهدون أن الله حرم هذا ﴾ يعني: ما ذَكَرَ من الحرث والأنعام مما

(١) جويرية بن أسماء بن عبيد الضبعي، بضم المعجمة وفتح الموحدة، البصري، صدوق، مات سنة ثلاث وسبعين. (التقريب: ١٤٣).
(٢) ذكره السيوطي في الدر (٣/٣٨٠) وعزاه لأبي الشيخ عن علي بن زيد.
والقدرية: قوم ينسبون إلى التكذيب بما قدر الله من الأشياء.
(٣) هلم: هو اسم فعل لا ينصرف عند أهل الحجاز، وفعل يؤنث ويجمع عند بني تميم. انظر: المفصل للزمخشري (ص: ١٩٣)، واللباب للعكبري (٢/٨٩)، والتبيان (١/٢٦٤)، والدر المصون (٢/٢١٢).
(١/٤٣)
---------***#@--فاصل_صفحات---@#***--------


الصفحة التالية
Icon