كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ ادجب
﴿ قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجواً قبل هذا ﴾ نرْجو أن تَدْخُلَ في ديننا وتوافقَنا على ما نحنُ عليه، وهذا معنى قول مقاتل (١).
وقيل: معناه كنتَ فينا مَرْجُوّاً لما يلوح فيك من مخايل الرشد ودلائل النجابة، فكنا نرجو أن تكون ردءاً لنا، مقدماً فينا، مملكاً علينا، معاذاً لنا في المعضلات إذا ادلهمَّتْ، وملاذاً لنا في العظائم إذا أَلَمَّتْ، فانقطع منك حبل رجائنا، وآل بك الخلاف إلى تضليل آبائنا، وتسفيه آرائنا. وهذا معنى قول كعب، قال: لأنه كان فيهم ذا حسب وثروة (٢).
﴿ أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا ﴾ استفهام في معنى التوبيخ والإنكار، ﴿ وإننا ﴾ وفي سورة إبراهيم (٣) ﴿ وإنا ﴾، وهما لغتان، وكذلك إني وإنني، وليتي وليتني، ولعلي ولعلني. قال الله تعالى: ﴿ لعلي أبلغ الأسباب ﴾ [غافر: ٣٦]. وقال الشاعر:
أَرِيني جَواداً مَاتَ هَزْلاً لَعَلَّنِي... أَرَى مَا تَرَيْنَ أَوْ بَخيلاً مُخَلَّدا (٤)
وقال تعالى: ﴿ يا ليتني كنت معهم ﴾ [النساء: ٧٣].
وقال الشاعر:

(١)... تفسير مقاتل (٢/١٢٣).
(٢)... زاد المسير (٤/١٢٣).
(٣)... الآية رقم: (٩).
(٤)... البيت لدريد بن الصمة. وهو في: اللسان، مادة: (أنن، علل)، والطبري (١/٥٥٤) ونسبه لحطائط بن يعفر، والقرطبي (٧/٦٤)، وزاد المسير (٤/١٢٤).
(١/١٨٠)
---------***#@--فاصل_صفحات---@#***--------


الصفحة التالية
Icon