"يجادلنا" على لفظ المضارع؛ لأنه حكاية الحال (١).
والمعنى: يجادل رسلنا ﴿ في قوم لوط ﴾ حين قالوا له: ﴿ إنا مهلكوا أهل هذه القرية ﴾ [العنكبوت: ٣١]، فقال: أرأيتم لو كان فيها خمسون مؤمناً أتهلكونها؟ قالوا: لا، قال: فأربعون؟ قالوا: لا، فما زال ينقص حتى قال: فواحد؟ قالوا: لا. فحينئذ قال: ﴿ إن فيها لوطاً قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله ﴾ [العنكبوت: ٣١].
قوله تعالى: ﴿ إن إبراهيم لحليم أواه منيب ﴾ تنبيه على أن هذه الأوصاف هي التي حملته على المجادلة في قوم لوط، وهي التي حملته على الاستغفار لأبيه في موضعه (٢)، وقد سبق تفسير "الحليم" في البقرة، و "الأوّاه" في براءة (٣).
﴿ يا إبراهيم أعرض عن هذا ﴾ الجدال ﴿ إنه قد جاء أمر ربك ﴾ عذابه، أو أمره بإهلاكهم، ﴿ وإنهم آتيهم عذاب غير مردود ﴾ عنهم بجدال ولا سؤال. و "عذاب" مرتفع باسم الفاعل وهو قوله: "آتيهم".
قوله تعالى: ﴿ ولما جاءت رسلنا لوطاً ﴾ قال المفسرون: خرجت الملائكة من عند إبراهيم فأتوا قرية لوط عليه السلام عشاء (٤).
وقال السدي: أتوها نصف النهار، فلما بلغوا نهر سدوم لقوا بنت لوط تستقي الماء لأهلها، فقالوا لها: يا جارية! هل من منزل؟ قالت: نعم، مكانَكم، لا تدخلوا حتى آتيكم، فَرَقاً عليهم من قومها، فأتت أباها فقالت: يا أبتاه! أدرك

(١)... التبيان (٢/٤٣)، والدر المصون (٤/١١٦).
(٢)... سورة التوبة الآية: (١١٤).
(٣)... عند تفسير الآية: (١١٤).
(٤)... زاد المسير (٤/١٣٥).
(١/١٩٨)
---------***#@--فاصل_صفحات---@#***--------


الصفحة التالية
Icon