شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٦) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ اتذب
قوله تعالى: ﴿ وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ﴾ وهم مشركوا أهل مكة، وقد فسرناه آنفاً.
﴿ ائت بقرآن غير هذا ﴾ يعنون: بقرآن ليس فيه ما يَعِظُنا يؤذينا، من سبّ آلهتنا، وتضليل آبائنا، وتسفيه آرائنا، ﴿ أو بَدِّلْهُ ﴾ من قبل نفسك، فاجعل مكان آية عذاب آية رحمة، وأسقط عيب الآلهة وما يؤذينا، ﴿ قل ما يكون لي ﴾ أي: ما ينبغي ولا يصلح ولا يصح لي ﴿ أن أبدّله من تلقاء نفسي ﴾ أي: من قِبَلها، ﴿ إن أتبع إلا ما يوحى إليّ ﴾ ليس إليّ تبديل ولا نسخ ولا تصرف بزيادة ولا نقصان، ﴿ إني أخاف إن عصيت ربي ﴾ بالتبديل وغيره ﴿ عذاب يوم عظيم ﴾.
فإن قيل: لأي حكمة أجابهم عن سؤال التبديل دون سؤالهم الإتيان بقرآن غير هذا؟
قلت: لأن التبديل المشار إليه مقدور عليه، والإتيان بقرآن غير هذا ليس في وسعه، لأنه إما أن يأتي به من عند الله أو من عند نفسه، الأول ليس إليه، والثاني محال لا يقدر عليه بحال، فاقتراحهم إياه بعد تحديهم بالإتيان بسورة مثله وظهور عجز القوى البشرية عن مماثلته عناد وعدول عن سنن الإنصاف في شرع الجدال، فيجب الإضراب عنه والإعراض عن جوابه.
﴿ قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ﴾ أي: ما قرأت عليكم القرآن، { ولا أدراكم
(١/٢١)
---------***#@--فاصل_صفحات---@#***--------


الصفحة التالية
Icon