ولعاصم من رواية أبان: "يمكرون" بالياء، لقوله: ﴿ إذا لهم مكر ﴾، وهي قراءة الحسن ومجاهد في آخرين (١).
قال صاحب الكشاف (٢) :"إذا" الأولى للشرط، والآخرة جوابها، وهي للمفاجأة.
فإن قلت: ما وَصَفَهُم بسرعة المكر، فكيف صَحَّ قوله: ﴿ أسرع مكراً ﴾ ؟
قلتُ: بل دلَّت على ذلك كله المفاجأة، كأنه قال: وإذا رحمناهم من بعد ضراء فاجأوا وقوع المكر منهم، وسارعوا إليه [قبل أن يغسلوا رؤوسهم من مس الضراء] (٣)، ولم يتلبثوا ريثما يسيغون غصّتهم.
والمعنى: أن الله دَبَّرَ عقابكم، وهو مُوقِعه بكم قبل أن تدبِّروا كيف تعملون في إطفاء نور الإسلام.
"إن رسلنا يكتبون" إعلامٌ بأن ما يظنونه خافياً مطوياً لا يخفى على الله، وهو منتقم منكم.
قوله تعالى: ﴿ هو الذي يسيركم في البر والبحر ﴾ وقرأتُ لابن عامر وأبي جعفر: "يَنْشُرُكُمْ"، من النَّشْر بعد الطَّيْ، وهي قراءة زيد بن ثابت (٤). ومنه: ﴿ ثم إذا أنتم بشر تنتشرون ﴾ [الروم: ٢٠].

(١)... النشر (٢/٢٨٢)، وإتحاف فضلاء البشر (ص: ٢٤٨).
(٢)... الكشاف (٢/٣٢١).
(٣)... زيادة من الكشاف، الموضع السابق.
(٤)... الحجة للفارسي (٢/٣٥٩)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٣٢٩)، والكشف (١/٥١٦)، والنشر (٢/٢٨٢)، وإتحاف فضلاء البشر (ص: ٢٤٨)، والسبعة في القراءات (ص: ٣٢٥).
(١/٢٧)
---------***#@--فاصل_صفحات---@#***--------


الصفحة التالية
Icon