وأما ذووا البصائر من قادتهم وسادتهم كلهم أو أكثرهم فكانوا على يقين من ضلالهم وبطلان ما هم عليه، لكن حملهم عليه البغي والحسد وحب الاقتداء بالآباء. هذا أبو جهل مع شِدَّة تَمَرُّده وكُفْره يقول لرسول الله - ﷺ - وقد خلا به يوماً: والله إني لأعلم أنك على الحق، ولكن إذا ذهبتْ قصيٌّ بالسقاية والحجابة واللواء والنبوة، فماذا يكون لسائر قريش؟ فأنزل الله فيه: ﴿ قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون... الآية ﴾ (١).
والوليد بن المغيرة همّ بالدخول في [الإسلام] (٢) فمنعه أبو جهل، وقد ذكرنا كلامه في الأنفال (٣).
وأبو طالب يقول (٤) :
أَلاَ أَبْلِغَا عَني عَلَى ذاتِ بَيْننا... لُؤَيّاً وَخُصَّا مِنْ لُؤَيٍّ بَني كَعْبِ
بأَنَّا وَجَدْنَا في الكِتَابِ مُحَمَّداً... نبيّاً كَمُوسَى خُطَّ في أَوَّلِ الكُتْبِ
وَأَنَّ عَلَيْهِ في العِبَادِ مَحَبَّةً... وَلاَ خَيْرَ مِمَّنْ خَصَّهُ اللهُ بالحُبِّ
واضطره حب الاقتداء بالسلف، حتى قال عند موته: على ملة الأشياخ.
قوله تعالى: ﴿ إن الظن لا يغني من الحق شيئاً ﴾ "شيئاً" مفعول "يغني" (٥)،
(٢)... في الأصل: إسلام.
(٣)... عند تفسير قوله تعالى: ﴿ وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا... ﴾ [الأنفال: ٣١].
(٤)... انظر: ديوانه (ص: ٢١١)، وسيرة ابن هشام (٢/١٩٧)، ومعجم البلدان (٤/٣٤٥).
(٥)... التبيان (٢/٢٨)، والدر المصون (٤/٣٢).
(١/٤٧)
---------***#@--فاصل_صفحات---@#***--------