﴿ قال موسى أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا ﴾ قال الزجاج (١) : المعنى: أتقولون للحق لما جاءكم هذا اللفظ؟ أي: "إن هذا لسحر مبين".
ثم قَرَّرهم فقال: ﴿ أسحر هذا ﴾ ؟
قال ابن الأنباري (٢) : إنما أدخلوا الألف على جهة تفظيع الأمر، كما يقول الرجل إذا نظر إلى الكسوة الفاخرة: أَكِسْوَةٌ هذه؟ يريد بالاستفهام تعظيمها، وتأتي الرجل جائزة، فيقول: أَحَقٌّ ما أرى؟ مُعَظِّماً لما وَرَدَ عليه.
فعلى قول الزجاج: مفعول "أتقولون" محذوف، وهو ما دلَّ عليه قولهم: "إن هذا لسحر مبين".
وعلى قول ابن الأنباري: يكون قوله: "أسحر هذا" حكاية لكلامهم.
﴿ ولا يفلح الساحرون ﴾ جائز أن يكون من تمام ما حكاه عنهم، وجائز أن يكون ابتداء كلام من الله تعالى خارج مخرج الاحتجاج عليهم، معناه: كيف يكون هذا سحر وقد أفلح به موسى وفاز بمقصوده، والساحر لا يفلح.
﴿ قالوا أجئتنا لتلفتنا ﴾ أي: لتصرفنا وتصدنا ﴿ عما وجدنا عليه آباءنا ﴾ من الدين ﴿ وتكون لكما الكبرياء ﴾ والكبرياءُ وصفٌ غالبٌ على الملوك، ولذلك استحسن نفيه عنهم في المدح. قال ابن الرّقيات في مصعب:
مُلْكُهُ مُلْكُ رَأْفَةٍ لَيْسَ فيهِ...... جَبَرُوتٌ مِنْهُ وَلاَ كبْرِيَاءُ (٣)
(٢)... انظر: زاد المسير (٤/٥٠).
(٣)... البيت يُنسب لقيس بن الرقيات. ورواية الديوان:
............ ملكه ملك قوة ليس فيه... جبروت ولا به كبرياء
... انظر: ديوانه (ص: ٩١)، والكامل (٢/٢٦٩)، والخزانة (٣/٢٦٩)، والشعر والشعراء (١/٥٢٤)، والبحر المحيط (٥/١٨١)، والدر المصون (٤/٥٨).
(١/٨٣)
---------***#@--فاصل_صفحات---@#***--------