الذي ينفث بالشعر على أقراء مخصوصة وأوزان معلومة.
فإن قيل: لم مُنع عن قول الشعر؟
قلتُ: كما مُنع من الكتابة؛ لئلا يتخذ الكَفَرة ذلك ذريعة إلى الطعن عليه فيما جاء به من النظم البديع، فيقال: إنما تأتي له ذلك بحدة خاطره، وثقابة فطنته، وقوته على نظم القريض، وكذلك منع الكتابة لئلا يقال: نَظَرَ في الكتب القديمة وتسلط بها على إنشاء كتابه، واطلع فيها على الأمور المغيبة عنه.
فإن قيل: إذا كان ما ذكرته حكمةُ صرفه عن قول الشعر، فنراهم لم يتناهوا عنه حتى قالوا: شاعر؟
قلتُ: لا جرم أن ذلك كسبهم شعار الكذب، وسلبهم وصف الإنصاف، وجعلهم عند أنفسهم كَذَبَة فَجَرَة؛ لعلمهم بحاله.
ولذلك قال لهم الوليد بن المغيرة: لقد وضعت قوله على أقراء الشعر فما رأيته يلتئم بها، فقولوا فيه غير ذلك، فقالوا: قل أنت؟ فقال: إن هذا إلا سحر يؤثر، وإنما راموا بذلك ترويج باطلهم عند جاهل غِرٍّ، أو متجاهل ذي غُمر، وإلا فأين أسلوب (١) القرآن من أساليب الشعر؟
قوله تعالى: ﴿ لينذر ﴾ وقرأ نافع وابن عامر: "لتنذر" بالتاء (٢)، على الخطاب للرسول - ﷺ -.
﴿ من كان حياً ﴾ يريد: المؤمنين، ﴿ ويحق القول على الكافرين ﴾ سبق تفسيره.
(٢)... الحجة للفارسي (٣/٣١١)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٦٠٣)، والكشف (٢/٢٢٠)، والنشر (٢/٣٥٥)، والإتحاف (ص: ٣٦٦)، والسبعة (ص: ٥٤٤).
(١/٣٦٠)
---------***#@--فاصل_صفحات---@#***--------