وَشَرَطْمَا لِي أَنْ تَصْعَدَا بِي إِلَى السَّمَاءِ فَعَلْتُ، فَأَقَرَّا لَهَا بِدِينِهَا وَأَتَيَاهَا فِيمَا يَرَيَانِ، ثُمَّ صَعِدَا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَلَمَّا انْتَهَيَا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ اخْتُطِفَتْ مِنْهُمَا، وَقُطِعَتْ أَجْنِحَتُهَا فَوَقَعَا خَائِفَيْنِ نَادِمَيْنِ يَبْكِيَانِ، وَفِي الأَرْضِ نَبِيٌّ يَدْعُو بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ أُجِيبَ، فَقَالا: لَوْ أَتَيْنَا فُلانًا فَسَأَلْنَاهُ يَطْلُبُ لَنَا التَّوْبَةَ، فَأَتَيَاهُ، فَقَالَ: رَحِمَكُمَا اللَّهُ كَيْفَ يَطْلُبُ أَهْلُ الأَرْضِ لأَهْلِ السَّمَاءِ ؟ !. قَالا: إِنَّا قد ابْتُلِينَا، قَالَ: ائْتِيَانِي فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَأَتَيَاهُ، فَقَالَ: مَا أُجِبْتُ فِيكُمَا بِشَيْءٍ إئْتِيَانِي فِي الْجُمُعَةِ الثَّانِيَةِ، فَأَتَيَاهُ، فَقَالَ: اخْتَارَا فَقَدْ خُيِّرْتُمَا إِنْ أَحْبَبْتُمَا مُعَاقَبَةَ الدُّنْيَا وَعَذَابَ الآخِرَةِ، وَإِنْ أَحْبَبْتُمَا فَعَذَابُ الدُّنْيَا وَأَنْتُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: الدُّنْيَا لَمْ يَمْضِ مِنْهَا إِلا قَلِيلٌ، وَقَالَ الآخَرُ: وَيْحَكَ إِنِّي قَدْ أَطَعْتُكَ فِي الأَمْرِ الأَوَّلِ فَأَطِعْنِي الآنَ، إِنَّ عَذَابًا يَفْنَى لَيْسَ كَعَذَابٍ يَبْقَى، وَإِنَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ. فَأَخَافُ أَنْ يُعَذِّبَنَا، قَالَ: لا، إِنِّي لأَرْجُو إِنْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّا قَدِ اخْتَرْنَا عَذَابَ الدُّنْيَا مَخَافَةَ عَذَابِ الآخِرَةِ أَنْ لا يَجْمَعَهُمَا عَلَيْنَا، قَالَ: فَاخْتَارُوا عَذَابَ الدُّنْيَا، فَجُعِلا فِي بَكَرَاتٍ مِنْ حَدِيدٍ فِي قَلِيبٍ مَمْلُوءَةٍ مِنْ نَارٍ عَالِيهِمَا سَافِلُهُمَا".