وُجُوهَهَا فَتَرْجِعُ، وَتَوَلَّى النَّاسُ بِهِ مُدَبْرِينَ يُنَادِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ تَصَدَّعَتِ الْأَرْضِ، كُلُّ صَدْعٍ مِنْ قُطْرٍ إِلَى قُطْرٍ، فَرَأَوْا أَمْرًا عَظِيمًا لَمْ يَرَوْا مِثْلَهُ، وَأَخَذَهُمْ لِذَلِكَ مِنَ الْكَرْبِ وَالْهَوْلِ مَا اللَّهُ بِهِ عَلَيمٌ، ثُمَّ نَظَرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا هِيَ كَالْمُهْلِ، ثُمَّ انْشَقَّتْ وَانْتَثَرَتْ وَخُسِفَ شَمْسُهَا وَقَمَرُهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالْأَمْوَاتُ لا يَعْلَمُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ حِينَ يَقُولُ: " فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ " ؟ قَالَ: أُولَئِكَ الشُّهَدَاءُ، وَإِنَّمَا يَصِلُ الْفَزَعُ إِلَى الْأَحْيَاءِ وَهُمْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونُ، وَوَقَاهُمُ اللَّهُ فَزَعَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَآمَنَهُمْ مِنْهُ، وَهُوَ الَّذِي يَقَوْلُ اللَّهُ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ " إِلَى قَوْلِهِ: " وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ " فَيُنْفَخُ الصُّورُ فَيُصْعَقُ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَأَهْلُ الْأَرْضِ " إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ " فَإِذَا هُمْ خُمُودٌ، ثُمَّ يَجِئُ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى الْجَبَّارِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، قَدْ مَاتَ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَأَهْلُ الْأَرْضِ إِلا مَنْ شِئْتَ، فَيَقُولُ وَهُوَ أَعْلَمُ:"فَمَنْ بَقِيَ؟"، فَيْقُولُ: يَا رَبِّ، بَقِيتَ أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لا يَمُوتُ، وَبَقِيَ حَمَلَةُ عَرْشِكَ، وَبَقَي جِبْرِيلُ، وَمِيكَائِيلُ، وَإِسْرَافِيلُ، وَبَقِيتُ أَنَا، فَيَقُولُ اللَّهُ:"لِيَمُتْ جِبْرِيلُ، وَمِيكَائِيلُ، وَإِسْرَافِيلُ؟"،